البحر الأحمر: موقعه الجغرافي
يمتد البحر الأحمر بين قارة أفريقيا، وبالتحديد الجزء الشرقي منها، وقارة آسيا، حيث يربط بينهما المنطقة المحيطة بشبه الجزيرة العربية. يغطي البحر الأحمر مسافة 1930 كيلومترًا بدءًا من السويس في مصر ويتجه نحو الجنوب الشرقي إلى مضيق باب المندب الذي يربط خليج عدن ببحر العرب. لذا، يعتبر بحراً فاصلًا بين سواحل مصر، والسودان، وإريتريا من جهة الغرب، وسواحل المملكة العربية السعودية واليمن من جهة الشرق. يشكل كل من خليج العقبة وقناة السويس الامتداد الشمالي للبحر الأحمر. وقد حددت المنظمة الهيدروغرافية الدولية حدود البحر الأحمر كما يلي:
- في الشمال: تحدد الحدود الشمالية للبحر الأحمر عند الحدود الجنوبية لخليج السويس، بدءًا من رأس محمد (27° 43′ شمالًا) وحتى النقطة الجنوبية من جزيرة شدوان (34° 02′ جنوبًا)، ثم يمتد خط غربي بموازاة ساحل القارة الأفريقية. كما يمتد خط آخر من رأس الفاسمة باتجاه الجنوب الغربي إلى جزيرة ريكوين (27°57′ شمالًا، 34°36′ شرقًا) عبر جزيرة تيران، ويستمر باتجاه الغرب بالتوازي مع سواحل شبه جزيرة سيناء.
- في الجنوب: تمتد الحدود الجنوبية للبحر الأحمر من حصن مراد (12°40′ شرقًا، 43°30′ شمالًا) إلى رأس سيان (12° 29′ شمالًا، 43° 20′ شرقًا).
تحيط بالبحر الأحمر ثماني دول هي: الأردن، وفلسطين، ومصر، والسودان، وإريتريا، وجيبوتي، والمملكة العربية السعودية، واليمن. من الجهة الغربية، تمتد شواطئ مصر شمالًا، تليها شواطئ السودان التي تتوسط حدود البحر. أما من الجهة الشرقية، فتتواجد شواطئ المملكة العربية السعودية وشواطئ اليمن. كذلك تصل مياه البحر في شماله إلى حدود دولتي الأردن وفلسطين في منطقة العقبة. يمكن الوصول إلى البحر عبر ثلاثة ممرات بحرية رئيسية: عبر خليج عدن من مضيق باب المندب، أو من خلال خليج العقبة، أو بالانتقال من البحر الأبيض المتوسط نحو خليج السويس عن طريق مضيق السويس.
الجغرافيا الخاصة بالبحر الأحمر
يعتبر البحر الأحمر شريطًا مائيًا طويلاً وضيّقًا يمتد بطول 1930 كيلومترًا بين مضيق السويس ومضيق باب المندب، بمتوسط عرض يبلغ 280 كيلومترًا. في بعض مناطق البحر، قد يصل عمق المياه إلى 2300 متر، بينما يبلغ المتوسط العام لعمق البحر حوالي 490 مترًا. يمكن تصنيف أعماق البحر الأحمر بشكل عام إلى ثلاث مناطق رئيسية:
- المنطقة الضحلة: حيث لا يتجاوز عمق المياه 50 مترًا، وتمثل هذه المنطقة 25% من إجمالي مياه البحر الأحمر. تشمل هذه المياه الشعاب المرجانية. بينما تشكل المناطق ذات العمق أقل من 100 متر حوالي 40% من مياه البحر.
- المنطقة العميقة: تمتد أعماقها بين 500 و1000 متر، وتتميز بمناطق غير منتظمة من الشعاب المرجانية.
- العمق الأوسط: يتراوح عمق هذه المنطقة بين 1000 و2900 متر.
تعتبر خليج العقبة وخليج السويس امتدادات ضيقة شبيهة بالأصابع الناجمة عن البحر الأحمر، حيث تفصل بينهما شبه جزيرة سيناء. يحيط بالكامل بخليج السويس الذي يمتد بطول 314 كيلومترًا، بينما يبلغ عرضه 22 كيلومتر عند بدايته. أما خليج العقبة، فيبلغ طوله 150 كيلومترًا وعرضه الأقصى 26 كيلومترًا، ويصل عمقه إلى 1850 مترًا. بينما تعتبر المساحة السطحية للبحر الأحمر من بين الأكبر في العالم حيث تصل إلى 438,000 كيلومتر مربع، وهو جزء من نظام الوادي المتصدع الكبير الممتد من وادي الأردن إلى صدع شرق أفريقيا، مما يجعله من أكثر المناطق نشاطًا على مستوى النشاط البركاني والزلازلي.
يمثل البحر الأحمر صدعًا منخفضًا بين كتلتين كبيرتين من القشرة الأرضية، حيث تحتوي الأراضي المجاورة على سهول ساحلية قد تصل في بعض المناطق إلى أكثر من 2000 متر فوق مستوى سطح البحر. وتعتبر المناطق الجنوبية الأعلى ارتفاعًا في الجوار. عمومًا، توصف المناطق المحيطة بالبحر الأحمر بأنها هضاب و جبال يتجاوز ارتفاعها 1000 متر. بينما تتراوح السهول الساحلية بين 2 إلى 50 كيلومترًا عرضًا وتدخل إلى المناطق الجبلية.
يمتاز البحر الأحمر بتنوع الشعاب المرجانية، حيث تمتد الشعاب على الشواطئ السعودية بطول 400 كيلومتر وعرض يتجاوز عدة كيلومترات، بينما تمتاز الشعاب المرجانية في الجانب الأفريقي بما تملكه من مناطق غنية من الشعاب المرجانية تنمو على عمق يتراوح بين 30 إلى 60 مترًا.
تختلف شواطئ البحر الأحمر بين الرملية والصخرية، حيث يتميز الشاطئ الشمالي بكونه رمليًا ويمتد كشريط ضيق بجانب الشعاب المرجانية، بينما تشكل الشواطئ المصرية نسبة 20% صخور، وتتوافر فيها منحدرات صخرية، بينما تتمتع الشواطئ الجنوبية بطبيعة رملية وعرض أكبر.
جزر البحر الأحمر
تحتوي مياه البحر الأحمر على أكثر من ألف جزيرة، تم اكتشاف بعضها، بينما تبقى غير معروفة للبعض الآخر بسبب صعوبات الوصول إليها. أغلب هذه الجزر تتبع للمملكة العربية السعودية، يليها إريتريا. يتجاوز عدد الجزر القريبة من الشاطئ الشرقي نظيرتها الموجودة قرب الشاطئ الغربي، وتكون معظمها صغيرة الحجم، وتتكون من الحجر الجيري المرجاني. فحتى الجزر الموجودة في منتصف البحر فهي من أصل بركاني، وعلى الرغم من أن معظمها قد تبدو غير مهمة اقتصاديًا، إلا أن بعضها قد حصل على أهمية بفضل موقعه بالقرب من الممرات المائية.
يعتبر أغلب الجزر الموجودة في البحر الأحمر غير مأهولة بالسكان، باستثناء 14 جزيرة منها يقطنها السكان. من الأمثلة على ذلك جزيرة كمران في اليمن، وثلاث جزر من أرخبيل فرسان التابع لمنطقة جازان السعودية، بالإضافة إلى عشرة جزر من أرخبيل دهلك القريب من منطقة مصوع التابعة لإريتريا. يمكن تصنيف جزر البحر الأحمر إلى أربعة أنواع بناءً على طبيعتها:
- جزر الشعاب المرجانية: تتشكل هذه الجزر أساسًا من الشعاب المرجانية التي تنمو في المياه الضحلة والمالحة، ومن أبرز الأمثلة عليها جزر فرسان وجزر دهلك.
- الجزر القارية: هذه الجزر ذات شكل طولي وتوجد بموازاة الشاطئ، وتكونت نتيجة التصدعات والتعرية. من أبرز الأمثلة جزيرتي تيران وصنافير.
- الجزر الرملية: تحتوي على حواجز رملية تشكلت بفعل الأمواج، خصوصًا في المناطق الضحلة. تشمل أهم هذه الجزر جزيرة شيبارا.
- الجزر البركانية: تقع هذه الجزر في منتصف البحر، نتيجة الانفجارات البركانية، ومنها جزيرة زبرجد والجزر الأخرى القريبة من السواحل السعودية والإريترية.
مناخ البحر الأحمر ودرجة حرارة مياهه
يتأثر مناخ البحر الأحمر بنوعين من الرياح الموسمية الناتجة عن الفروق في حرارة الأرض ومياه البحر: الرياح الموسمية الشمالية الشرقية والرياح الموسمية الجنوبية الغربية. يتراوح متوسط درجة حرارة المياه من 22 درجة مئوية، حيث تختلف درجات الحرارة السطحية بين الشمال والجنوب، إذ تصل في فصل الصيف إلى 26 درجة مئوية في الشمال و30 درجة مئوية في الجنوب، بينما لا تتجاوز درجة حرارة السطح في الشتاء فرق النقطتين.
أما بالنسبة لهطول الأمطار، فهي تحدث غالباً على شكل زخات مع عواصف رعدية، حيث يُقدر متوسط الهطول بـ 0.06 متر سنويًا، وهو ما يُعتبر منخفضًا للغاية، يقابله زيادة في التبخر قد تصل إلى 205 سم سنويًا، مما يزيد تركيز ملوحة المياه في نطاق 3.6-3.8% بسبب عدم وجود مصادر مياه عذبة تغذي البحر.
نظرة عامة حول البحر الأحمر
يعتبر البحر الأحمر من أكثر الممرات المائية استخدامًا في العالم، حيث يعد الممر الرئيسي للتنقلات البحرية بين قارتي آسيا وأوروبا. كان البحر يحمل أهمية تجارية كبيرة لمصر منذ نحو 2000 قبل الميلاد، وقد استخدم كمسار مائي للوصول إلى الهند في 1000 قبل الميلاد، وتجدر الإشارة إلى أن أهميته تراجعت بعد اكتشاف طرق بحرية كاملة حول أفريقيا عام 1498. لكن مع إنشاء قناة السويس في 1869، استعاد البحر الأحمر دوره كممر مائي رئيسي للشحن بين أوروبا وأستراليا وشرق آسيا.
تاريخ تكون البحر الأحمر يعود لما يقارب 20-30 مليون سنة، حيث تشكل نتيجة مياه المحيط الهادي. مياهه تعتبر من الأكثر ملوحة في العالم بسبب عدم وجود أنهار تغذيه. وعُرف البحر الأحمر بهذا الاسم بسبب نوع من الطحالب يسمى “تريكوديزميوم إريثريام”، الذي يسبب تغير لون المياه إلى بني محمر اللون بعد موتها.
أحدث التعليقات