مصير يهود بني النضير بعد إجلائهم من المدينة
بعد إبعادهم من المدينة، انقسم يهود بني النضير إلى مجموعات؛ حيث توجهت مجموعة منهم إلى بلاد الشام، بينما استقر آخرون في منطقة خيبر، برفقة قادتهم، مما أدى إلى تنامي شعور العداء في قلوبهم تجاه الإسلام والمسلمين. مع زيادة أعدادهم في خيبر، قاموا بتعزيز تحصيناتها بشكل جيد. وهناك روايات تفيد بأن بعضهم انتقل إلى أراضي الشام، مثل أريحا وأذرعات، في حين انتقل آخرون إلى الحيوة. وقد أُنزلت سورة الحشر في حقهم، حيث يقول الله -تعالى-: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ)، وتعرف السورة أيضًا بسورة بني النضير، لكونها تتناول قصة إجلائهم خلال غزوة بني النضير. وتتحدث عن الحشر الأول الذي تعرضوا له في عهد النبوة، والذي حدث في السنة الرابعة من الهجرة. وفيما يلي توضيح لأسباب إجلائهم:
- تآمر يهود بني النضير على النبي: تآمر يهود بني النضير على اغتيال النبي -عليه الصلاة والسلام- حين زار حصونهم برفقة بعض الصحابة الكرام لتسوية دية قتيلين من بني عامر، وفقًا للعهد المبرم بينه وبينهم. وعند رؤيتهم له، تظاهروا بأنهم سيساعدونه، إلا أنهم تآمروا خفاءً على قتل النبي. ولكن الله تعالى أرسل جبريل -عليه السلام- ليخبر النبي بما خططوه، مما دفعه للعودة إلى المدينة. أرسل النبي إليهم يطلب مغادرتهم خلال عشرة أيام، مهددًا بقتل من يبقى بعد انتهاء المهلة. ولكنهم استعدوا للحصار، مما جعل النبي يأمر بالهجوم على حصونهم. وفي النهاية، اضطر يهود بني النضير إلى قبول الإجلاء بعدما طلبوا الأمان لدمائهم وأخذ مع الثروات غير السلاح. وتمكن المسلمون من استعادة بعض الأموال التي تركوها، حيث وزع النبي بعضها على المهاجرين واثنين من الأنصار الذين كانوا في أمس الحاجة.
- نقض العهد مع النبي: تم إجلاءهم بسبب نقضهم للعهد المبرم مع النبي وخيانتهم، مما جاء في قوله -تعالى-: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ…).
- تحريض القبائل ضد المسلمين: لعبوا دوراً كبيراً في التحريض على المسلمين خلال غزوة الأحزاب، حيث حاولوا جمع قوائم من قبائل قريش وأخرى للمهاجمة، مما دفع النبي إلى محاصرتهم حتى خضعت لهم.
أوضاع اليهود في المدينة
كان لليهود وجود بارز في المدينة خلال فترة النبي، وفيما يلي توضيح لبعض أوضاعهم:
- إسلام بعض اليهود: أسلم بعض اليهود، مثل عبد الله بن سلام -رضي الله عنه-، الذي أتى بالإسلام بعد لقاء النبي. بينما استمر العديد من اليهود في كفرهم، ولم يدخل أي شخص من بني النضير أو بني قريظة في الإسلام.
- توقيع النبي لعهود مع اليهود: عمل النبي على توقيع مجموعة من المواثيق مع اليهود، حيث منحهم الحرية في ممارسة دينهم وطلب منهم التعاون مع المسلمين ضد أي معتدٍ. وأوصاهم بالوفاء بتلك العهود، مشدداً على خطورة الغدر والخيانة، بينما حافظ معظم المسلمين على تلك المواثيق، على الرغم من أن بعض القبائل، مثل بني قينقاع وبني النضير، نقضت العهود.
تجدر الإشارة إلى أن هذه العهود تمت بعد رفض اليهود للإسلام، مثل بني قينقاع والنضير وقريظة. تعامل النبي معهم وفقًا لطبيعة كل مجموعة، إلا أن الغالبية منهم كانوا من ألد أعداء المسلمين، كما ورد في قوله -تعالى-: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا). وعلى الرغم من محاولات النبي لتقريب القلوب إليهم في بداية دخوله المدينة عبر الصلاة نحو بيت المقدس وصيام يوم عاشوراء، إلا أن أعدادًا قليلة ممن أسلموا بين صفوفهم، بينما فضل معظمهم البقاء على دينهم.
أحدث التعليقات