سنتناول في موضوعنا قصيدة “أتراها تحبني ميسون”، التي تعتبر واحدة من الأعمال الأدبية الرائعة للشاعر الكبير نزار قباني. كتب قباني هذه القصيدة على بحر الخفيف في إطار ديوانه “ترصيع بالذهب على سيف دمشقي” تزامناً مع أحداث الحرب.
إليكم أبيات القصيدة الخاصة بـ “أتراها تحبني ميسون”:
أتراها تحبني ميسون…؟؟
أم توهمت والنساء ظنون
كم رسول أرسلته لأبيها
ذبحته تحت النقاب العيون
يا ابنة العم والهوى أموي
كيف أخفي الهوى وكيف أبين
كم قتلنا في عشقنا وبعثنا
بعد موت.. وما علينا يمين
يا زمانا في الصالحية سمحا
أين مني الغوى وأين الفتون
يا سريري ويا شراشف أمي
يا عصافير يا شذا يا غصون
يا زواريب حارتي خبئيني
بين جفنيك فالزمان ضنين
واعذريني اذا بدوت حزينا
إن وجه المحب وجه حزين
هاهي الشام بعد فرقة دهر
أنهار سبعة وحور عين
النوافير في البيوت كلام
والعناقيد سكر مطحون
والسماء الزرقاء دفتر شعر
والحروف التي عليه سنونو
هل دمشق كما يقولون كانت
حين في الليل فكر الياسمين؟
آه يا دمشق كيف أشرح ما بي
وأنا فيك دائماً “مسكون….
سامحيني إن لم أكاشفك بالعشق
فأحلى ما في الهوى التضمين
نحن أسرى معاً وفي قفص
الحب يعاني السجان والمسجون
يا دمشق التي تقمصت شذاها
هل أنا الرو أم أنا الشربين
أم أنا الفل في أباريق أمي
أم أنا العشب والسحاب الهتون
أم أنا القطة الأثيرة في الدار
تلبي إذا دعاها الحنين…؟؟؟
يا دمشق التي تفشى شذاها
تحت جلدي كأنه الزيزفون
قادم من مدائن الريح وحدي
فاحتضني كالطفل يا قاسيون
احتضنني ولا تناقش جنوني
ذروة العقل يا***** الجنون
أهي مجنونة بشوقي إليها
هذه الشام أم أنا المجنون
حامل حبها ثلاثين قرناً
فوق ظهري وما هناك معين
إن تخلت كل المقادير عني
فبعيني ***** استعين
يا إلهي جعلت عشقي بحراً
أحرام على البحار السكون؟؟
جاء تشرين يا حبيبة قلبي
أحسن الوقت للهوى تشرين
شام.. يا شام.. يا أميرة حبي
كيف ينسى غرامه المجنون؟
أوقدي النار فالحديث طويل
وطويل لمن نحب الحنين…
جاء تشرين إن وجهك أحلى
بكثير…. ما سره تشرين؟؟؟
يا دمشق البسي دموعي سواراً
وتمني… فكل صعب يهون
رضي الله والرسول عن الشام
فنصرت… وفتح مبين…..
مزقي يا شام خارطة الذل…
وقولي للدهر… كن فيكون….
كتب الله أن تكوني…..دمشقا
بك يبدأ… وينتهي التكوين..
صدق السيف حاكماً وحكيماً
وحده السيف يا دمشق اليقين
علّمينا فقه العروبة يا شام
فأنت البيان…. والتبيين
وطني يا قصيدة النار والورد
تغنت بما صنعت القرون….
إن نهر التاريخ ينبع من الشام
أيلغي التاريخ طرح… هجين
نحن عكا ونحن كرمل حيفا..
وجبال الجليل واللطرون
هل مرايا دمشق تعرف وجهي
من جديدٍ أم غيّرتني السنين؟
يا زمانًا في الصالحية سمح
أين منّي الغوى وأين الفتون؟
يا سريري ويا شراشف أمي
يا عصافير يا شذا يا غصون
يا زواريب حارتي.. خبئني
بين جفنيكِ فالزمان ضنين
واعذريني إن بدوت حزيناً
إن وجه المحب وجه حزين
ها هي الشام بعد فرقة دهرٍ
أنهارٌ سبعةٌ وحورٌ عين
آه يا شامُ كيف أشرح ما بي
وأنا فيك دائماً مسكون
يا دمشقُ التي تفشى شذاها
تحت جلدي كأنه الزيزفون
قادمٌ من مدائن الريح وحدي
فاحتضني كالطفل يا قاسيون
أهي مجنونة بشوقي إليها
هذهِ الشام أم أنا المجنون؟
إن تخلت كلّ المقادير عني
فبعيني حبيبتي أستعين
جاءَ تشرينُ يا حبيبةَ عمري
أحسنُ وقتٍ للهَوى تشرين
ولنا موعدٌ على جبلِ الشيخ
كم الثلج دافئ وحنون
سنواتٌ سبعٌ من الحزنِ مرَّت
ماتَ فيها الصفصاف والزيتون
شام يا شامُ يا أميرةَ حبّي
كيفَ ينسَى غرامَه المجنون؟
شمسُ غرناطةَ أطلَّت علينا
بعدَ يأسٍ وزغرَدت ميسلون
جاءَ تشرين.. إنَّ وجهك أحلى
بكثيرٍ ما سرّه تشـرين؟
إنّ أرضَ الجولان تشبهُ عينيك
فماءٌ يَجري ولوزٌ وتين
مزّقي يَا دمشق خارطةَ الذل
وقُولي للدّهر كن فيكون
استرَدّت أيامها بك بدرٌ
واستعَادَت شبابَها حطينٌ
كتبَ اللهُ أن تَكوني دمشق
بك يبدأ ويَنْتهي التّكوين
هزم الرُّوم بعدَ سبعٍ عجاف
وتَعافى وجداننا المَطعون
اسحَبي الذَّيل يَا قنيطرة المَجد
وكحلَ جفنَيك يَا حرمون
علّمينا فقهَ العُروبة يا شام
فأنت البيانُ والتّبيين
ووطني يَا قصيدةَ النار والورد
تغنـت بما صَنَعت القُـرون
اركبي الشَّمس يا دمشق حصان
ولكِ اللهُ حافظٌ وأميـن
أحدث التعليقات