هل كان إسماعيل عليه السلام معارضاً لرغبة والده في أن يذبحه؟

تعتبر قصة ذبح إبراهيم عليه السلام لابنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام واحدة من أشهر القصص في الإسلام، لما لها من تأثير وروحانية عميقة. يسعى هذا المقال إلى الإجابة على سؤال قد يتردد كثيرًا: هل فعلاً رفض إسماعيل عليه السلام تنفيذ أمر والده الذبح، أو اعترض على ذلك؟

رفض إسماعيل عليه السلام تنفيذ أمر والده بذبحه: حقيقة أم خيال؟

يتضح من النصوص الشرعية أن إسماعيل عليه السلام لم يرفض الأمر الإلهي الذي أبلغه إياه والده إبراهيم عليه السلام، بل قبل وخضع لتلك الرؤية. وقد وردت القصة في القرآن بشكل يوضح استجابته التامة.

قال تعالى: “وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ” [سورة الصافات: 102].

يشير التفسير لهذه الآية إلى أن إبراهيم عليه السلام عرض رؤياه على ابنه إسماعيل، الذي أجاب بخضوع تام وأعلن استعداده للصبر على الأمر الألهي، مما يدل على أن الإجابة الصحيحة على هذا الطرح هي أن إسماعيل لم يعترض، بل استجاب.

قصة ذبح إسماعيل

بينما كان إبراهيم عليه السلام يرى في منامه أنه يذبح ابنه إسماعيل، جاءه الوحي ليؤكد له أن هذه الرؤية من الله. ولذلك، عرض الأمر على إسماعيل، الذي بدوره استجاب بكل إيمان، مدركًا أن للرؤى النبوية دلالة إلهية. قام إبراهيم بتجهيز نفسه للامتثال للأمر، ووضع إسماعيل على الأرض، حتى لا يرى وجه والده في تلك اللحظة الحرجة. حين مَرَّ السكين على عنق إسماعيل، لم يكن منه إلا أن نطق بالشهادة.

عندها سمع إبراهيم صوتًا يناديه، مشيرًا إلى أنه قد امتثل لأمر الله، وبعدها أُخبر بأن إسماعيل فُدي بكبش عظيم.

قال تعالى: “فَلَمَّاۤ أَسۡلَمَا وَتَلَّهُۥ لِلۡجَبِینِ وَنَـٰدَیۡنَـٰهُ أَن یَـٰۤإِبۡرَ ٰ⁠هِیمُ قَدۡ صَدَّقۡتَ ٱلرُّءۡیَاۤۚ إِنَّا كَذَ ٰ⁠لِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُحۡسِنِینَ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلۡبَلَـٰۤؤُا۟ ٱلۡمُبِینُ وَفَدَیۡنَـٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِیمࣲ وَتَرَكۡنَا عَلَیۡهِ فِی ٱلـَٔاخِرِینَ سَلَـٰمٌ عَلَىٰۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ كَذَ ٰ⁠لِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُحۡسِنِینَ إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُؤۡمِنِینَ” [سورة الصافات: 103-111].

ميلاد إسماعيل والهجرة إلى مكة

أنجب إبراهيم عليه السلام إسماعيل من هاجر، الجارية التي وهبتها له زوجته سارة. ومع تزايد الغيرة لدى سارة، طلبت من إبراهيم عليه السلام أن يبعد هاجر وابنها. فاستجاب إبراهيم لأمر الله، وقاد هاجر وابنها إسماعيل إلى مكة.

عندما ترك إبراهيم هاجر وابنها في مكة، كانت المنطقة صحراء قاحلة تفتقر إلى السكان والمياه. وجدت هاجر نفسها وابنها في وضع صعب، لكنها أدركت لاحقًا أن ما فعله إبراهيم جاء بأمر الله. عند ذلك، بدأت هاجر بالبحث عن الماء بعد نفاد ما كان بحوزتهما.

بعد أن سعت بين الصفا والمروة سبع مرات، سمعت هاجر صوتًا في قرب إسماعيل. وعندما توجهت نحو الصوت، وجدت ملكًا ينقض بماء زمزم، ثم بدأت بشرب الماء هي وابنها.

بناء الكعبة المشرفة

استقر إسماعيل ووالدته هاجر في مكة، وكان إبراهيم يزورهم بين الحين والآخر. عندما أصبح إسماعيل شابًا، أبلغه والده بأمر الله له ببناء الكعبة. لم يتردد إسماعيل في مساعدة والده.

قال تعالى: “وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيم” [سورة البقرة: 127-128].

في ختام هذا المقال، الذي تناول موضوع “رفض إسماعيل عليه السلام تنفيذ أمر والده بذبحه: صواب أم خطأ”، سلطنا الضوء على قصة بناء الكعبة المشرفة، وميلاد إسماعيل، والهجرة إلى مكة، وقد وضحنا إجابة الطرح المتعلق برفض إسماعيل لأمر والده.

Published
Categorized as إسلاميات