هل دعاء الزوجة لزوجها الميت مستجاب؟ وما أفضل وقت لاستجابة الدُعاء؟ إن الدعاء هو حلقة الوصل بين الأحياء والأموات.. الحلقة التي تهوّن على الحيّ ألم فراق الميت، وتجعل قلبه يهدأ ويتقبل فاجعة القدر تدريجيًا، لكنه يكون مهتمًا ما إذا كان دعائه يُستجاب أم لا، وهو ما نوضحه عبر موقع سوبر بابا.
موت الزوج بالنسبة لزوجته يُمثل فاجعةٌ مفزعة، تشعر بعدها كما لو أن مأواها وسندها في الحياة قد تلاشى تمامًا، خاصةً إذا لم يكُن لها غيره في الحياة، ولا شك أنه أمرٌ مؤلم للغاية، وقد لا تفيق الزوجة من صدمته لفترة طويلة من الوقت، لكن قد يهون الأمر عليها قليلًا إن علمت أن دعاء الزوجة إلى زوجها الميت مُستجاب.
فقال الله تعالى في كتابه الحكيم: “إِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” الآية 186 من سورة البقرة.
جدير بالمعرفة أن الحُزن لن ينتهي، والزوج الميت لن يُنسى، وإنما الهوان والسلوان الذي ينزل من الله على قلب زوجته هو الذي يمنحها القوة لاستكمال حياتها، وأثناء مواصلتها حياتها عليها أن تفعل كل ما بوسعها لمنح زوجها الخير والنفع، ومن أفضل ما يُمكنها تقديمه له دون أي مجهود يُذكر هو الدعاء.
اقرأ أيضًا: اللهم اغفر له وارحمه واسكنه فسيح جناتك
تتباين درجة استجابة دعاء الزوجة لزوجها المتوفي وفقًا للوقت الذي تدعو فيه، حيث يوجد من الأوقات ما جعل الله فيها أبواب السماء مفتوحة، فتكون الدعوة قريبة من الاستجابة بشكل أكبر، مقارنةً بالأوقات العادية.
جاءت العديد من الدلائل في السُنة النبوية الشريفة تُشير إلى أن لحظة ما قبل التسليم من الصلاة تُمثل واحدة من أفضل الأوقات التي قد تستغلها الزوجة في الدعاء لزوجها الميت بكل ما ينفعه في قبره والآخرة، ومن أبرز الدلائل الحديث المرويّ عن النبي على لسان عبد الله بن مسعود، في صحيح البخاري.
إن المطر هو رمز الخير والبركة بالنسبة إلى كل سُكان الأرض، والكثير يعرفون بشأن انفتاح أبواب السماء في هذا الوقت لاستقبال دعاء المُسلم بما يشاء، فهو الوقت الأفضل لاستجابة الدعاء، ويُمكن التأكد من ذلك من خلال الحديث المرويّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم على لسان سهل بن سعد الساعدي.
إن هذا الوقت غير معروف فضله في استجابة الدعاء، لكن يُمكن الاستدلال على ذلك من خلال رواية عبد الله بن السائب في صحيح الترمذيّ، والتي رواها عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، حيث جاء مؤكدًا لأمته من المسلمين أن الله يفتح أبواب السماء في هذا الوقت لاستقبال أدعية عباده.
يُمكن للمُسلم أن يدعو بما يرغب ويعلم أن دعوته حتمًا ستُستجاب، إذا استيقظ من نومه ليلًا دون تخطيط، وقال:
“لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسُبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله”، ثم دعا بما يشاء، علمًا بأن الحُجة الدالة على ذلك جاءت في حديث شريف مرويّ عن عبادة بن الصامت في صحيح البخاري.
أشار حديثين صحيحين وردا في صحيح مُسلم على لسان كلٍ من الصحابيّ الفضيل عُمر بن الخطاب، وعُقبة بن عامر إلى أن هناك ثمانية من أبواب الجنة تُفتح لقبول دعاء المُسلم، بشرط أن يُحسن الوضوء ويقول أشهد أن لا إله الله وأن محمد عبده ورسوله، ثم يبدأ دعاءه.
نعرف جميعًا أن شهر رمضان هو شهر المنّ والبركات والخير الوفير، والشهر الذي تكون فيه الدعوات أقرب إلى القبول والاستجابة، خاصةً أن هناك عدة دلائل قد أشارت إلى أن دعوة الصائم لا تُرد، وهو شهر الصيام.
جاء النبيّ في عدة أحاديث شريفة يؤكد لنا أن آخر ساعة من نهار يوم الجُمعة -ألا وهي أحبّ الأيام إلى الله تعالى- تُعد ساعة استجابة، ومن أبرزها الحديث المرويّ عن أبي هريرة رضي الله عنه، الموضوع في صحيح البخاري.
إنه الوقت المُستحب لدى الله يُحب أن يناجيه العبد فيه متذللًا خاشعًا بينما الناس جميعًا نِيام، وقد أشار حديثٌ نبويٌ شريفٌ رويّ عن أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح البخاري أن الله ينزل إلى السماء الدُنيا في هذا الوقت من كل يوم، ليسأل عمن يرغب في دعائه فيستجيب له، ويُعطي المحتاج، ويغفر للمستغفرين.
اقرأ أيضًا: أدعية لتخفيف الحزن على الميت
يجب العلم التام بأن الإجابة تكون نعم على السؤال هل دعاء الزوجة لزوجها الميت مستجاب؟ إذا كان لديها من الشروط ما يتوافق مع آداب وشروط استجابة الدعاء، والتي من أبرزها:
فضلًا عن الدعاء الذي تدعوه الزوجة لزوجها يجب أن تكون موقنة تمامًا أن الله هو القادر الوحيد على إتمام الأمر حتى ولو كان يُمثل أمرًا مستحيلًا بالنسبة لها، فإن اليقين بالله له دور هام في جعل الدعاء أقرب على الاستجابة.
عند المعرفة بإجابة السؤال هل دعاء الزوجة لزوجها الميت مستجاب وهي نعم، قد تظل الزوجة تدعو الله بالرحمة والمغفرة لزوجها، ومن فرط حُبها له وحُزنها عليه ورغبتها في نفعه قد تنشغل عن العبادات الأخرى أو عن مهام حياتها الضرورية، وهو ما لا يُستحب ويُبطل استجابة الدعاء، لذا لا يجب الانشغال بالدعاء دون غيره من العبادات.
إن الله -عز وجل- لا يستجيب دعاء من كان مأكله أو مشربه أو ملبسه حرام، وجاء الدليل على ذلك في حديث نبويّ شريف مرويّ عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقد أتى في صحيح مُسلم:
“أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]، وقالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟!”.
اقرأ أيضًا: دعاء لأبي المتوفي من القرآن
هل دعاء الزوجة لزوجها الميت مستجاب هو سؤال يُطرح من قِبل الزوجة المؤمنة الصابرة التي احتسبت زوجها عند الله ولم تجزع من قدره وقضائه، حيث إنها تسعى جاهدة للتخلص من حُزنها حتى ولو قليلًا لتتمكن من تقديم أغلى هدية يُمكن منحها للميت في قبره، ألا وهي الدعاء له، لذا حرصنا على تقديم مجموعة من الأدعية للزوج الميت.
إن الموت هو الحقيقة المُفزعة التي تفرّق بين الأحباب وتجعل الحياة أشدُ قسوة، لكن عند التعرض لتلك الحقيقة ما يكون على العبد سوى طلب الصبر من الله، والدعاء للميت بالرحمة والمغفرة.
أحدث التعليقات