تعتبر تحية الإسلام هي التحية المباركة التي أقرها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- لأمته، وهي تتوارثها الأجيال منذ عهد أبوينا آدم -عليه السلام-، الذي علمه الله -سبحانه وتعالى- إياها وأمره بإلقائها على الملائكة في أول لقاء له بهم في الجنة، لتكون بمثابة التحية الخاصة له ولذريته من بعده. وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يحرص على استخدامها، ويشجع أصحابه على نشرها بين الناس.
تظهر تحية الإسلام بألفاظ مختلفة مثل: “السلام عليكم”، و”السلام عليكم ورحمة الله”، و”السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”. فعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: (كنت رديفًا لأبي بكر، وكان يمر على القوم فيقول: السلام عليكم، فيردون عليه: السلام عليكم ورحمة الله، فيرد: السلام عليكم ورحمة الله، فيقولون: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال أبو بكر: لقد فضّلنا الناس اليوم بزيادة كبيرة).
تشمل تحية الإسلام معنى الدعاء بالسلامة، حيث تدعو من تلقي عليه السلام أن يحفظه الله من كل مكروه أو آفة، سواء كانت من الأمراض أو الشرور أو الذنوب، ومن عذاب النار. ولهذا سُميت الجنة بدار السلام، فهي المكان الذي يتجنب فيه المؤمن كل ما يكره، كما قال الله -عز وجل-: (لَهُم دارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِم وَهُوَ وَلِيُّهُم بِما كانوا يَعمَلُونَ).
تعد التحية “السلام” أيضًا تحية أهل الجنة فيما بينهم، وتستخدمها الملائكة للسلام عليهم، مؤكدةً لهم أن الله سيحفظهم من كل سوء. وتُعتبر السلام واحدة من أسماء الله الحسنى. وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، كما أوصى الإسلام بنشر السلام كجزء من التآخي بين المسلمين، مما يؤدي إلى تنزّل الرحمة والبركات عليهم.
تجدر الإشارة إلى أنه من الأساسي أن يُفتتح السلام ويرد بوضوح، حيث يستلزم رفع الصوت بشكل يمكن من الاستماع، كما ورد عن ابن عمر: إذا سلمت فأسمع فإنها تحية من عند الله. يختلف حكم إلقاء السلام عن حكم الرد عليه بحسب رأي العلماء، وفيما يلي توضيح لذلك:
يعتبر إلقاء السلام سنة عند جمهور العلماء؛ فهو واجب على الفرد وسنة كفاية للجماعة، وأفضل أن يتشارك الجميع في السلام لتحصيل الأجر. وقد جاء في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).
يعد رد السلام فرضًا باتفاق العلماء، فعندما يتلقى شخص واحد السلام، فهو فرض عليه، وإذا كان للكل فهو فرض كفاية، فإذا أجاب أحدهم أجزأ عن البقية وسقط الحرج عن الجميع. ويستند هذا إلى قول الله -تعالى-: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبًا).
يتميز إفشاء السلام بين الناس بالعديد من الفضائل والفوائد، ومن أبرزها:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).
عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (مر رجل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينما كان جالسًا، فقال: السلام عليكم، فقال: عشرة حسنات. ثم مر آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال: عشرون حسنة. ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال: ثلاثون حسنة).
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أفشوا السلام تسلموا).
عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: (سأل أحدهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي الأعمال في الإسلام أفضل؟ فقال: أطعم الطعام، واقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف).
كما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن من موجبات المغفرة بذل السلام، وحسن الكلام).
لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخُلوا الجنة بسلام).
لكل مسلم آداب يجب مراعاتها عند رد السلام، ومنها:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)، فإدخال السرور على المسلمين من الأمور المحبوبة التي يكافئ المسلم عليها.
قال الله -عز وجل-: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبًا).
في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير).
هناك حالات يُفضل تجنب إلقاء السلام فيها، ومنها:
في ختام المقال، يُعتبر إفشاء السلام من تعاليم دين الإسلام السامية التي تدعو إلى الحب والتكاتف في المجتمع، وهو دعاء بالسلامة من جميع الشرور والأمراض، وسيلة لكسب الأجر وثواب الله والفوز بالجنة. لذا يجب على المسلم أن يلتزم بآداب السلام وأن يتجنب الأماكن التي يكره فيها إلقاء السلام، ليكون مثالًا يُحتذى به وفق تعليمات النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أحدث التعليقات