تشير المصادر التاريخية إلى أن سيف الصحابي الجليل خالد بن الوليد -رضي الله عنه- موجود حاليًا في متحف “طوب قابي سراي” الواقع في مدينة إسطنبول التركية. يحتوي المتحف على مجموعة نادرة من القطع والمعدات التي تعود إلى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، بالإضافة إلى عدة سيوف تُنسب لعدد من الصحابة -رضي الله عنهم- مثل الزبير بن العوام، وجعفر الطيار، وعمار بن ياسر -رضي الله عنهم أجمعين-.
خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي، كان شخصية بارزة في مجتمعه، واشتهر بمهاراته القتالية الهائلة؛ حيث وُصف بأنه قائد عسكري مبتكر بذكاء فائق في التخطيط للمعارك. خاض العديد من الحروب ضد المسلمين، لكن الله -تعالى- منّ عليه بالإسلام قبل فتح مكة.
كان خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، مثل والده الوليد بن المغيرة، معارضًا لدعوة النبي محمد -عليه الصلاة والسلام-، إلا أنه في بعض الأوقات كان يتأمل في عبادة قومه من الأصنام. عانى من صراع داخلي بين الحق والباطل حتى جاء اليوم الذي أضاء الله فيه قلبه بالإيمان، فتوجه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليعلن انتماءه إلى الإسلام، وكان ذلك في العام السابع للهجرة.
بعد اسلامه، شارك خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في العديد من الغزوات والمعارك، وقد تولى القيادة في بعض منها. حيث استلم قيادة معركة مؤتة بعد استشهاد القادة الذين عيّنهم النبي، وتمكن من سحب القوات الإسلامية بأقل الخسائر. كما عيّنه النبي -عليه الصلاة والسلام- قائد الميمنة في جيش فتح مكة، وبعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقع اختيار أبي بكر -رضي الله عنه- عليه لقيادة معركة اليمامة ضد مسيلمة الكذاب، واستمر قيادته للفتحات الإسلامية في زمن الخلافة الراشدة.
أسند رسول الله -عليه الصلاة والسلام- إلى خالد بن الوليد لقب “سيف الله المسلول”، وذلك بسبب قيادته للمعركة بعد استشهاد القادة في غزوة مؤتة؛ حيث تولى قيادة المعركة بعد زيد بن الحارثة، ثم جعفر بن أبي طالب، والذي استشهد بدوره، ثم عبد الله بن رواحة الذي استشهد كذلك. بعد ذلك، تولى خالد بن الوليد قيادة المعركة.
في تلك المعركة، حقق خالد -رضي الله عنه- أداءً باهرًا، إذ كان المسلمون في موقف ضعف مقابل الجيش الرومي الكبير. قام بتطوير خطة مبتكرة لتبديل صفوف قواته في وقت متأخر من الليل، وأمر جيشه بالتكبير والتهليل لإيهام الروم بأن قوات المسلمين قد حصلت على تعزيزات إضافية. ونتيجة لذلك، أحدث هذا التكتيك حالة من الرعب في صفوف جيش الروم، مما ساعد على تغيير مجريات المعركة وتمكن الفريق الإسلامي من الانسحاب دون تكبد خسائر كبيرة.
بعد حياة مليئة بالتضحيات والبطولات في ساحات المعارك للدفاع عن الدعوة الإسلامية، توفي خالد بن الوليد في بيته على فراشه، بالرغم من أمله في نيل الشهادة في إحدى المعارك. دفن -رضي الله عنه- في حمص سنة 21 هـ. وذكر عنه أنه قال على فراش الموت: “لَقِيت كَذَا وَكَذَا زحفا وَمَا فِي جَسَدِي مَوضِع شبر إِلَّا وَفِيه ضَرْبَة بِسيف أَو طعنة بِرُمْح وَهَا أَنا ذَا أَمُوت على فِرَاشِي حتف أنفي كَمَا يَمُوت العير فَلَا نَامَتْ أعين الْجُبَنَاء.”
أحدث التعليقات