تُعتبر سورة العنكبوت من السور المكية، وقد نزلت بعد سورة الروم، تحديدًا في نهاية فترة حياة الصحابة في مكة قبل migration. كانت هذه المرحلة من الأوقات الأكثر صعوبة التي واجهوها، لذا كان نزول هذه السورة تعزيزًا لإيمان المؤمنين في مواجهة التحديات التي يواجهونها من قبل المشركين.
ووفقًا لبعض المفسرين، فقد تعددت آراء الصحابة حول مكان نزول سورة العنكبوت، حيث اعتبر بعضهم أنها آخر سورة نزلت في مكة، بينما أشار آخرون إلى أنها نزلت في المدينة. وقد ورد عن علي -رضي الله عنه- أنها نزلت على النبي -عليه الصلاة والسلام- ما بين مكة والمدينة.
ثم ذهب بعض المفسرين إلى اعتبارها مكية، لا سيما أنه لا توجد روايات موثوقة تشير إلى أن بعض آياتها مدنية. ومن الأدلة على كونها مكية هو نزولها بعد سورة الروم، التي نزلت في السنة التي انتصر فيها الفرس على الروم، وكان ذلك قبل الهجرة بسنة. وعليه، فإن نزول سورة العنكبوت كان في نفس السنة. وتعتبر السورة التاسعة والعشرون حسب ترتيب المصحف، وأيضًا السورة الأولى من المجموعة الأولى من قسم المثاني، والبدء من سور آلم في هذا القسم.
سُميت سورة العنكبوت بهذا الاسم نظرًا لاستخدام الله -تعالى- مثال العنكبوت في أغراض السورة. ويرتبط سبب نزولها بمقتل مهجع بن عبد الله، المولى لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، الذي كان أول مسلم يُقتل في غزوة بدر، وكان من أوائل الشهداء الذين دُعوا إلى الجنة. وقد أصابه سهم من عامر بن الحضرمي فتسبب في مقتله، ونزلت أوائل سورة العنكبوت نتيجة لذلك. وتتألف السورة من تسعة وستين آية.
تأتي سورة العنكبوت بعد سورة القصص، حيث ذكرت سورة القصص فئة من الناس قد استضعفها فرعون، إذ قال الله -تعالى-: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ). وبتلك الخلفية، افتتحت سورة العنكبوت بذكر المؤمنين الذين واجهوا الفتن والمعاناة من قبل الكفار، مما يعد تسلية لهم. كما تناولت سورة القصص كذلك هجرة النبي -عليه الصلاة والسلام-، في حين أدرجت سورة العنكبوت هجرة المؤمنين، وتُعتبر واحدة من السور التي بدأت بالحروف المقطعة.
تناولت سورة العنكبوت مجموعة من المواضيع المهمة، ومن أبرزها ما يلي:
أحدث التعليقات