موقع مملكة سبأ التاريخية

مملكة سبأ

تُعتبر مملكة سبأ واحدة من أبرز الممالك القديمة التي نشأت في وسط الجزيرة العربية وبلاد الشام. وقد حظيت هذه المملكة بدور بارز في الحياة السياسية في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية، المعروف حالياً باليمن. تُجمع معظم المصادر التاريخية على أن تأسيس مملكة سبأ يعود إلى نهاية الألفية الثانية قبل الميلاد، واستمر حكمها حتى القرون الأولى بعد الميلاد. في هذا المقال، سنناقش موقع مملكة سبأ، أهم آثارها، والعوامل التي ساهمت في ازدهارها وتطورها.

موقع مملكة سبأ

تقع مملكة سبأ في جنوب الجزيرة العربية، على بُعد حوالي مئتي ميل شمال غرب منطقة عدن. وهناك بعض الإشارات في الأسفار التوراتية تشير إلى وجود موقعين لمملكة سبأ، أحدهما في الجنوب بالقرب من حضرموت، والآخر في الشمال بالقرب من تيماء.

على الرغم من تباين الروايات، إلا أن ما اتفق عليه المؤرخون هو أن العاصمة كانت مأرب، التي تُعتبر دلالة على حضارة عظيمة ومدينة قوية. تقع مأرب على بعد حوالي 120 كيلومتراً شرق صنعاء، في وادٍ يُعرف بوادي أضنة. ولا تزال مأرب اليوم وجهة سياحية غنية بالآثار والمعابد والقصور التاريخية، التي تُبرز عظمة ممالك جنوب شبه الجزيرة العربية.

أهم آثار مملكة سبأ

ترك شعب سبأ ورائه آثاراً تاريخية خالدة، مثل سد مأرب، الذي يعدّ إنجازاً معمارياً مدهشًا في تلك الحقبة. يُظهر بناء سد مأرب وجود مجتمع متطور يمتلك مهارات زراعية وهندسية بارعة.

لم يقتصر تأثير سبأ على السدود فحسب، بل امتد إلى القصور والمعابد والحصون. كما أحيطت مدينة مأرب بسور دفاعي هائل يحتوي على سبع بوابات، مما جعل غزو المدينة أمراً صعباً بالنسبة للممالك الأخرى. ولقد كانت الملكة بلقيس تملك ثلاثة قصور، هي غمدان، وبينون، وسلحين، بالإضافة إلى عرشٍ رائع مصنوع من الذهب، بأرجلٍ من اللؤلؤ والأحجار الكريمة، ومزينٌ بالزبرجد والياقوت الأحمر، وقد تم ذكرها في القرآن الكريم من خلال هدهد النبي سليمان.

عوامل ازدهار مملكة سبأ

العوامل الجغرافية

تميزت مملكة سبأ بموقعها الجغرافي الفريد وطبيعتها الزراعية، حيث ساهمت ظروف المناخ والتضاريس الجبلية في توفير بيئة ملائمة لزراعة القهوة اليمنية الشهيرة عالميًا. تلك الظروف أسهمت في جعل اليمن مركزًا هامًا للنشاط التجاري والزراعي.

العوامل الاقتصادية

الزراعة

كانت الزراعة تعد أحد المصادر الأساسية للرزق في مملكة سبأ، حيث كانت الأراضي خصبة وخالية من الحشرات الضارة؛ وقد ورد في القرآن الكريم إشارة إلى هذه الأراضي. وقد قام السبئيون بزراعة مجموعة متنوعة من المحاصيل مثل النخيل والقمح والبُن والخضراوات، مع إنتاج وفير من الفواكه، وخاصة العنب بأنواعه العديدة.

التجارة

تُعتبر مأرب العاصمة التجارية لمملكة سبأ، فهي تقع على مشارف الصحراء إلى الشمال الشرقي من اليمن في وادي سبأ الشهير. وسيطرت مأرب على طرق التجارة الدولية التي تربط بين أفريقيا الشرقية وبلاد الشام وفارس، مما جعلها مركزًا تجاريًا محوريًا. كانت المملكة تستورد مختلف البضائع من عدة مناطق، بما في ذلك اللؤلؤ والأنسجة والسيوف، وتقوم بتصديرها إلى حوض البحر الأبيض المتوسط.

على جانب آخر، كان السبئيون يشيدون الموانئ على بحر العرب لينشطوا في التجارة عبرها، ومن أبرز هذه الموانئ:

  • ميناء قنا: الذي يُعتبر مركزًا تجاريًا هامًا في جنوب الجزيرة العربية.
  • ميناء موشا: الذي يُعرف الآن بميناء خويري في سلطنة عمان.
  • ميناء يوديمون: الذي يقع في إطار مدينة عدن الحالية.

مملكة سبأ في الكتب السماوية

نالَت مملكة سبأ شهرة واسعة نظرًا لقوتها ومكانتها، وذكرت في النصوص الدينية التوراتية والقرآنية. في القرآن الكريم، سُمّيت سورة كاملة باسمها، وذكرت أيضًا في سياق قصة النبي سليمان والهدهد. وهناك إشارة إلى ملكة سبأ، حيث دعا المسيح ملكة سبأ بملكة الجنوب في العهد الجديد، حيث تم تداول حديث عنها في الإشارة إلى بحثها عن حكمة سليمان.

Published
Categorized as أسرار تاريخية غامضة