يمتاز مسجد أحمد بن طولون، الذي يُنسب إلى أبي العباس أحمد بن طولون، بموقعه الاستراتيجي بين مصر والقاهرة. يتواجد المسجد حالياً في الجهة الجنوبية من القاهرة، والقريبة من المنطقة الشمالية للعسكر. تم تأسيسه بواسطة أحمد بن طولون بعد استقراره في مصر خلال السنة الثالثة والستين بعد المئتين من الهجرة، على تلة تُعرف بجبل يشكر.
صُمم المسجد ليتسع لزوار مصر من المغاربة، حيث أصبح مكاناً للعبادة وملتقى تعليمياً لهم، إلى جانب توفير احتياجاتهم من الطعام والشراب.
تجاوزت تكلفة بناء المسجد مئة وعشرين ألف دينار، وقد أولى أحمد بن طولون اهتماماً كبيراً بالمعايير الهندسية والقياسات خلال عملية الإنشاء. ويتجلى ذلك في تصميم المئذنة الملتوية التي تأثرت بشكل ملحوظ بالعمارة السامريّة، وهي فريدة من نوعها في مساجد مصر. لاحقاً، قام السلطان لاجين ببعض الأعمال الإصلاحية في المسجد وعين موظفين للقيام بذلك.
كما أضاف الساعة التي وضعت في قبة تتضمن فتحات تمثل ساعات اليوم، حيث يُغلق كل فتحة بعد مرور ساعة، مما يساعد المصلين في معرفة الوقت. بالإضافة إلى ذلك، حصل المسجد على مكانة أكاديمية حينما فتحه الأيوبيون كمؤسسة تعليمية تقدم مختلف العلوم الشرعية، بما في ذلك المذاهب الأربعة وعلوم الحديث، كما قدمت الدولة تعليمًا خاصًا للأيتام هناك.
بدأ البناء في السنة الثالثة والستين بعد المئتين واستمر لمدة عامين. وعند انتهاء البناء، اكتفى أحمد بن طولون بتوثيق تاريخ البدء والانتهاء على قطعة من الرخام وضعت أعلى رواق القبلة. يُعتبر المسجد المبنى الثالث في مصر، وهو الأقدم الذي احتفظ بتفاصيله المعمارية عبر العصور.
عندما تولى أحمد بن طولون ولاية مصر، اتخذ قرار بناء المسجد المعروف على جبل يشكر بسبب الاكتظاظ في مسجد العسكر، الذي أصبح غير كافٍ لاستيعاب المصلين وجنوده. بالإضافة إلى ذلك، كان الهدف من بناء المسجد هو الحصول على الأجر والثواب.
قبل الحقبة الفاطمية، كانت مصر تحتوي على ثلاثة مساجد رئيسية، والتي تعد شعارات لهيمنة الإسلام ومنابر للدين الإسلامي في البلاد؛ من بينها مسجد عمرو بن العاص، الذي عُرف بتاج الجوامع، والذي أصبح معروفاً لاحقًا بالجامع العتيق.
في فترة الخلافة العباسية، أسس الوالي المعروف الفضل بن صالح مسجد العسكر بالقرب من دار الإمارة، ليكون المسجد الثاني الذي يقصده الناس. استمر هذا المسجد في الخدمة حتى خراب مدينة العسكر، وبعدها قام الوزير بدر الجمالي، وزير الخليفة المستنصر بالله الفاطمي، بنقل الأنقاض إلى القاهرة لإعادة بناء المدينة.
أحدث التعليقات