تتعدد الروايات التاريخية والآثار المرتبطة بمدينة قوم عاد، ويُعتقد أن موقعها يقع في شبه الجزيرة العربية، وبالتحديد في منطقة الأحقاف. وتُعتبر الأحقاف أرضًا تقع في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية، شمال شرق منطقة حضرموت اليمنية، حيث تحدها صحراء الربع الخالي وسلطنة عمان. في الوقت الحالي، تحيط بهذا الموقع صحارى قاحلة. بينما تشير بعض الروايات إلى أن قوم عاد كانت تقع في شمال الجزيرة العربية.
جاء ذكر قوم عاد في عدة مواضع من القرآن الكريم، حيث أشار إليه باسم مدينتهم إرم ذات العماد، كما في قوله تعالى في سورة الفجر: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ* إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ). ويفيد بعض المؤرخين أن “إرم” هو اسم القبيلة التي سكنت هذه المدينة، بينما “ذات العماد” هو وصف لهذه القبيلة. وقد أُعلن أن شداد بن عاد هو من أسس هذه المدينة، حيث كان يتمتع بقوة وجبروت عظيمين، وسعى من خلال إنشائها إلى جعلها تحاكي الجنة في جمالها ومعمارها.
تمثل قوم عاد قبيلة عربية تُعتبر من أقدم القبائل التي عاشت في شبه الجزيرة العربية، حيث كانت ذات حضارة متقدمة ومدنية راسخة. تميزوا بمهاراتهم في البناء والعمران، فأنشأوا منازلهم في المرتفعات فوق الجبال، وتفوقوا في الزراعة، وقد بارك الله تعالى عليهم بنعم كثيرة ورزقهم من خيري الأرض. كانوا من أقوى الأمم في تلك الفترة، إلا أنهم جحدوا نعم الله ووقعوا في الشرك، حيث أصبحوا عبدة للأصنام.
تنوعت روايات العلماء حول نسب النبي هود، عليه السلام. فهناك من يقول إنه هود بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، ومنهم من ذكر أنه عابر بن شالخ بن أرفخشذ. وقد قيل أيضاً إنه هود بن عبد الله بن رباح بن الجارود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ، أو إدريس، بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم، عليهم السلام.
يعتبر النبي هود، عليه السلام، واحدًا من أعظم الأنبياء الذين أرسلهم الله، حيث كان يهدف إلى دعوة قومه وهدايتهم وتحذيرهم من الاستمرار في الشرك. دعا قومه بإيمان بالله وحده، فقال لهم: (وَإِلى عادٍ أَخاهُم هودًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ إِن أَنتُم إِلّا مُفتَرونَ). ورغم رؤيته لرفضهم المستمر لدعوته، استمر هود، عليه السلام، في تقديم النصائح لهم بالحكمة واللين. وعندما تبين له أنه لن يحقق معهم نجاحًا، تركهم حتى انزل الله عليهم عذابه. أرسل الله عليهم ريحًا عاتيةً استمرت لسبع ليالٍ وثمانية أيام، أهلكتهم وأبقتهم بلا حراك، حيث قال تعالى: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ* سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ).
أحدث التعليقات