موقع مدينة طروادة التاريخية

طروادة

تُعرف طروادة أيضًا بإيليوس أو إيليون (بالإنجليزية: Ilios or Ilion)، وفي اللغة اللاتينية تُسمى ترويا (بالإنجليزية: Troia or Troja). تعد هذه المدينة القديمة إحدى المعالم البارزة والشهيرة شمال غرب الأناضول، ولها أهمية خاصة في مجالي الأدب وعلم الآثار. يرتبط اسم طروادة بأسطورة حرب طروادة، ويوضح موقعها الأثري الكثير من التطورات التاريخية التي شهدتها منطقة غرب آسيا الصغرى. تم حصار المدينة لمدة عشر سنوات على يد الجيش اليوناني بقيادة الملك أجاممنون (بالإنجليزية: Agamemnon King). وفقاً لبعض المصادر، يرتبط اسم طروادة بمدينة تقع على الساحل الشمالي الغربي لتركيا، حيث يعود تاريخ تأسيس المدينة إلى ما لا يقل عن 2700 عام، بعد أن استوطن الإغريق الساحل الغربي لتركيا في القرن التاسع عشر. عادت طروادة إلى الواجهة مرة أخرى عندما بدأ رجل أعمال ألماني وعالم آثار يُدعى هاينريش شليمان أعمال الحفريات في تل يُعرف باسم (هيسارليك)، حيث اكتشف قلعة طروادة المحاطة بجدران ضخمة، بما في ذلك البوابات والأبراج، بالإضافة إلى 20 منزلاً مستطيلاً.

الموقع الأثري والجغرافي لطروادة

بدأت الحفريات الأولى في المدينة عام 1870، وتعتبر بقايا طروادة من أهم المظاهر التي تعكس تواصل الحضارات بين الأناضول و البحر الأبيض المتوسط. تقع طروادة على تل يعرف باسم هيسارليك (بالإنجليزية: Hisarlık)، إذ يشرف هذا التل على سهل يمتد على طول ساحل البحر الإيجي التركي، ويبعد حوالي 4.8 كم من المدخل الجنوبي لمضيق الدردنيل. كشفت الحفريات أن المنطقة كانت مأهولة بالسكان منذ نحو 8000 عام. وبفضل موقعها الاستراتيجي، قدمت طروادة كجسر ثقافي يربط بين منطقة ترواس والبلقان والأناضول والبحر الإيجي والبحر الأسود، نتيجة للهجرات والتنقلات.

تعتبر الأهمية الثقافية لموقع طروادة الأثري بالغة، حيث تسهم في فهم تطور الحضارة الأوروبية. فهو يُظهر استمرار تواجد العديد من الحضارات في المنطقة على مدار أكثر من 4000 عام، وتُحاكي الآثار اليونانية والرومانية خصائص المستوطنات السابقة. كما أن تأثيرها امتد إلى الأدب، مثل ملحمة الإلياذة للمؤلف هوميروس (بالإنجليزية: Homer’s Iliad) والإنيادة لفرجيل (بالإنجليزية: Virgil’s Aeneid).

تُعتبر طروادة موقعًا استراتيجيًا عند المدخل الجنوبي للمضيق الرابطة بين البحر الأسود وبحر إيجة عبر بحر مرمرة. بالإضافة إلى ذلك، كانت طروادة نقطة انطلاق لطريق بري يمتد شمالًا على طول الساحل الأناضولي، متجهًا عبر أضيق نقطة في الدردنيل إلى الشاطئ الأوروبي. ورغم تحديد موقع المدينة بشكل دقيق حتى العصر الحديث، فإن الحفريات التي بدأت في عام 1870 واستمرت حتى عام 2005، أعادت الإشراقة إلى هذه المدينة التاريخية تحت إشراف العديد من العلماء، من بينهم عالم الآثار بجامعة توبنغن، مانفريد كورفمان (بالإنجليزية: Manfred Korfmann).

حرب طروادة

يشتق اسم طروادة من القصة الأسطورية اليونانية القديمة التي تتناول أحداث حرب طروادة، وهي حصار استمر لمدة عشر سنوات للمدينة على يد القوات اليونانية بقيادة أجاممنون ملك موكناي. ملخص القصة ينص على أن باريس بن بريام، ملك طروادة، أُستدعي من قبل ثلاث آلهة هم: أفروديت، وهيرا، وأثينا، ليحكم في مسألة الأجمل بينهن، ويعطيها التفاحة الذهبية. اختار باريس أفروديت، التي وعدته بأجمل النساء في الأرض، وبالفعل صدقت وعدها، إذ غادر باريس إلى اليونان واختطف هيلين زوجة ملك أسبرطة.

لإرجاع هيلين، شن اليونانيون حربًا بقيادة أجاممنون على طروادة، واستمر حصارهم لمدة عشر سنوات. لم ينتهِ الحصار حتى تمكنت القوات اليونانية من صنع حصان خشبي كبير اختبأ فيه الجنود، وتم إدخاله إلى المدينة بعد إقناع الطرواديين بأنه رمز استسلام. تظاهر بقية الجنود بالانسحاب إلى جزيرة قريبة تُعرف بتينيدوس، وفي الليل، خرج الجنود من الحصان الخشبي، وعاد بقية الجيش واستطاعوا اقتحام طروادة، مما أدى إلى مقتل السكان وسبي النساء والأطفال. لاحقًا، أصبحت حرب طروادة تُروى كأسطورة في الأدب اليوناني والروماني.

طروادة في علم الآثار

كشفت الحفريات التي استمرت طوال القرن العشرين عن تسع مستوطنات سكنية، إلى جانب ما لا يقل عن 46 مستوى من السكن. تم تقسيم عهود مدينة تروي إلى ستة مستويات، بدءًا من تروي الأولى حتى تروي السادسة. كان عهد تروي الأول ممتدًا من عام 3000 ق.م إلى عام 2550 ق.م، وكان يتكون من مدينة صغيرة محاطة بسور حجري. بينما امتد عهد تروي الثاني من عام 2300 ق.م إلى عام 2550 ق.م، وشمل مجموعة من المباني الكبيرة المحاطة بالطوب والطين، بالإضافة إلى بوابات ضخمة، حيث اكتُشف فيه أشياء مصنوعة من الذهب، والبرونز، والعقيق، مما يدل على تجارة طروادة مع آسيا.

في عهود تروي الثالث والرابع والخامس، واجهت المدينة فترة صعبة حيث كانت عمليات التنقيب عن المستويات الدنيا شاقة للغاية، وكانت هذه الفترة تُعتبر الأقل رخاءً. وجدت أفران قبة الأناضول والفخاريات المصنوعة من الألمنيوم. بالنسبة لعهد تروي السادس، والذي يعد الأكثر تميزًا وامتد من عام 1750 ق.م حتى 1300 ق.م، تم تسجيل المدينة وهي تُحاصر خلال حرب طروادة. إذ بلغت سماكة الجدران المُستخدمة للتحصين 5 أمتار، وارتفع ارتفاعها إلى 8 أمتار، وهو ما يدل على الازدهار الذي شهدته المدينة وقوة دفاعها. تضمنت الجدران خمسة أبواب تؤدي إلى داخل المدينة، بالإضافة إلى القاعات المركزية والمحاكم، وكان عدد السكان يُقدر بحوالي 10,000 نسمة. كما أظهرت الحفريات صناعة الصوف واستخدام الخيول، بجانب صناعة الفخار والسيراميك المستورد من قبرص ودول المشرق.

Published
Categorized as أسرار تاريخية غامضة