تُعتبر حيفا من أكبر المدن الفلسطينية الساحلية التي تم تهجير سكانها، وقد أشار ياقوت الحموي في كتابه “معجم البلدان” إلى أن اسم حيفا مشتق من “حيفاء”، التي تعني الظلم والتمييز. تتمتع حيفا بموقع استراتيجي وتاريخي مهم، وقد كانت على مر العصور مطمعًا للغزاة. اليوم، يعيش فيها العرب من المسيحيين والمسلمين، إلى جانب اليهود الذين يشكلون الأغلبية بعد تهجير سكانها العرب خلال النكبة. وتعد حيفا اليوم ميناءً حيوياً في فلسطين المحتلة.
تقع حيفا في لواء حيفا بفلسطين المحتلة، على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وتمتد على السفح الشمالي لجبل الكرمل الذي يرتفع عن سطح البحر بمقدار 546 مترًا. تقع المدينة عند دائرة عرض 32.49° شمالًا، وخط طول 35° شرقًا، شمال غرب مدينة القدس، حيث تبعد عنها حوالي 158 كم. يُعتبر موقعها الاستراتيجي، الذي يُربط بين جبال الكرمل والسهول، عامل جذب للغزاة عبر العصور.
يسود حيفا مناخ البحر الأبيض المتوسط، حيث يكون الطقس حارًا في الصيف بمعدل حرارة يصل إلى 26 درجة مئوية، وباردًا نسبيًا في الشتاء مع تساقط大量 من الأمطار. يبلغ معدل درجة الحرارة في الشتاء حوالي 12 درجة مئوية، ونادرًا ما تسقط الثلوج في حيفا. كما ترتفع نسبة الرطوبة على مدار العام.
تأسست المدينة في عهد الكنعانيين، وفتحها المسلمون في عهد الخليفة عمر بن الخطاب على يد القائد عمرو بن العاص. بعد ذلك، احتلها الفرنجة خلال فترة الدولة الفاطمية وظلت تحت سيطرتهم لمدة 87 عامًا حتى فتحها القائد صلاح الدين الأيوبي. بعد عودتهم، استمر الفرنجة في السيطرة حتى استردادها الأشرف خليل بن قلاوون. شهدت المدينة ازدهارًا كبيرًا خلال العصر العثماني، حيث تم بناء المدينة القديمة في عهد الظاهر عمر، بالإضافة إلى العديد من المعالم مثل جامع الاستقلال. كما كانت مدينة حيفا في تلك الفترة إمارة مستقلة. تأسست حيفا الحديثة عام 1761م وصارت مركزًا للدين البهائي، وتوجد بها آثار للبهائية، خاصة حدائق البهائيين الشهيرة التي تقع على سفح جبل الكرمل وتطل على البحر الأبيض المتوسط.
تحتت حيفا تحت الانتداب البريطاني عام 1918 بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، إلى جانب باقي مدن فلسطين. كما قامت بريطانيا بتقديم وعد بلفور الذي نص على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، مما ساهم في تسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين. في قرار التقسيم عام 1947، أعطت الأمم المتحدة 55% من الأراضي الفلسطينية لليهود، وكانت حيفا ضمن هذه الأراضي، حيث كانت تخطط لتكون الميناء الرئيسي للدولة الجديدة. تعرضت حيفا للاحتلال من قبل الصهاينة في النكبة، بتاريخ 21 أبريل 1948، حيث تعرض السكان للقتل والتهجير القسري، ولا تزال حيفا تعاني تحت الاحتلال الإسرائيلي حتى يومنا هذا.
أحدث التعليقات