تعتبر مدينة حمص واحدة من أقدم المدن التاريخية، حيث شهدت على مر العصور توافد العديد من الحضارات منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد. تقع حمص في موقع مركزي في منطقة بلاد الشام، حيث يتسم مناخها بالجاذبية وتربتها بالخصب. كما أن موقعها التجاري والعسكري يعتبر محوراً مهمًا، مما يجعلها حلقة وصل بين مختلف المناطق في سوريا. يعتقد أن أقدم مكان مأهول في المدينة هو قلعة أسامة أو تل حمص، الذي يبعد حوالي 2.5 كيلومتر عن نهر العاصي، وقد عثر الباحثون هناك على العديد من الزخارف والفخار الذي يعود إلى العصور الحجرية.
تعتبر حمص مركزًا سياحيًا مهمًا بفضل وجود العديد من المواقع الأثرية، بالإضافة إلى المناخ المعتدل الذي تتمتع به، وتوافر الخدمات الصناعية والسياحية. في العصور القديمة، كانت المدينة مأهولة بالسكان بعدما أسسها السلوقيون في القرن الرابع قبل الميلاد. تحت حكم السلالة الحمصية، تمكنت المدينة من الحفاظ على استقلالها من خلال التحالف مع الإمبراطورية الرومانية، وشهدت ازدهارًا فنيًا واقتصاديًا وثقافيًا.
تقع مدينة حمص في الجمهورية العربية السورية على ضفاف نهر العاصي، في منطقة غنية بالزراعة. تعتبر حمص ثالث أكبر مدينة سورية من حيث عدد السكان بعد دمشق وحلب، كما أنها تعد محطة وصل بين مختلف المحافظات والمدن الجنوبية والساحلية والتي تقع في الشمال والشرق. تبعد المدينة حوالي 162 كيلومترًا شمال دمشق العاصمة، وتتميز بموقعها التجاري الغني بالمرافق الحيوية والتجارية والصناعية.
اختارت منظمة اليونسكو قلعة الحصن، التي تقع غرب مدينة حمص، كواحدة من مواقع التراث العالمي. ويرجع أقدم أسماء المدينة إلى إيميسا، وهو اسم مكون من “إيم”، ويعتقد أنه يرجع إلى إله الشمس الذي كان يعبده سكان المدينة. وقد يُستمد الاسم أيضًا من قبيلة إيمسان التي حكمت المدينة لأكثر من قرن في الفترة ما بين القرن الأول والثالث قبل الميلاد. في تلك الفترة، اشتهر اسم المدينة وازدهرت، واستطاعت الحفاظ على حكمها الذاتي بدلاً من الاندماج مع الرومان. أما القسم الثاني من اسم المدينة “يسا”، فيُعتقد أن العرب أطلقوا عليها اسم حمص بعد الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام، فيما أطلق الصليبيون عليها اسم لا شاميلي.
مرت حمص عبر تاريخها الطويل بتقلبات اقتصادية وسياسية؛ حيث احتلت مكانة بارزة في عهد الأيوبيين والزنكيين، فيما شهدت بعض الإهمال في فترة حكم المماليك. ومع بداية العهد العثماني، تراجعت المدينة بعد أن كانت تعد الأكبر في سوريا، حيث أصبحت بحجم ثلث ما كانت عليه. في القرن العشرين، شهدت المدينة نموًا سكانيًا ملحوظاً، حيث بلغ عدد السكان عام 2011 نحو 1,267,000 نسمة بسبب تدفق الداخلين إليها نظراً لأهميتها التجارية. وتضم المدينة مجموعة متنوعة من الطوائف، حيث يشكل المسلمون السنة الأغلبية، يليهم العلويون والمسيحيون والأرثوذكس والأرمن والتركمان.
أحدث التعليقات