تعتبر مدينة حلب، التي تقع في الجمهورية العربية السورية، من أكبر المدن من حيث المساحة وعدد السكان. تُعرف بأنها المدينة الصناعية الرائدة في البلاد، مما يجعلها مركزاً حيوياً للنشاط الصناعي والتجاري. إضافةً إلى كونها مركزاً ثقافياً بارزاً ووجهة سياحية مثيرة، يقدّر عدد سكان هذه المحافظة بأكثر من أربعة ملايين ونصف نسمة، مما يجعلها أيضاً الأكثر كثافة سكانية في بلاد الشام.
تقع مدينة حلب في الشمال الغربي من سوريا، حيث تبعد عن العاصمة دمشق مسافة تصل إلى 310 كيلومترات. تشترك المدينة في حدودها الشمالية مع الجمهورية التركية، وتشتهر بموقعها على هضبة تُعرف باسم هضبة حلب.
تعتبر حلب واحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم، وكانت في السابق عاصمة لمملكة الأموريين المعروفة بمملكة يمحاض. شهدت المدينة تعاقب العديد من الحضارات، حيث تعاقبت عليها الحضارات الحثية والآرامية ثم الآشورية، تلاها الفارسيون ثم الهيلينيون والرومانيون، وصولاً إلى البيزنطيين قبل أن تفتحها الجيوش الإسلامية.
أصبحت مدينة حلب عاصمة الدولة الحمدانية خلال العهد العثماني، حيث توسعت حدود الدولة لتصل إلى منطقة الجزيرة الفراتية ومدينة الموصل.
تشتهر المدينة القديمة في حلب بجدارها المحيط، الذي يحتوي على عدة أبواب تؤدي إلى قلب المدينة القديمة. كانت هذه الأبواب تُغلق في السابق أمام الغزاة، حيث صمد الجدار أمام أقسى الهجمات على مر العصور. لا تزال آثار الضربات، سواء من المنجنيق أو الرماح، واضحة حتى اليوم على جدران وأبواب حلب التسعة، التي لم يتبقى منها سوى خمسة أبواب محفوظه حتى الآن. تتمثل هذه الأبواب في: باب الحديد، باب النصر، باب الفرج، باب الجنان، وباب النيرب، إلى جانب باب أنطاكية، باب قنسرين، باب المقام، و باب الأحمر.
تعتز مدينة حلب بثرائها في المواقع الأثرية والمباني التاريخية التي تعود إلى عصور قديمة. من أبرز هذه المعالم قلعة حلب، التي ترتفع عن سطح البحر بمقدار 50 مترًا، وقد بُنيت في الألفية الأولى الميلادية. كما توجد عدة مدارس تاريخية مثل المدرسة الحلبية، التي تأسست عام 1124 ميلادياً وكانت في الأصل معبداً رومانيًا قبل أن تتحول إلى كنيسة سانت هيلين، ثم إلى مدرسة. إلى جانب ذلك، توجد المدرسة المقدمية، مدرسة دينية تاسست في 1168 ميلادياً، والمدرسة الظاهرية التي تعود إلى 1217 ميلادياً، والمدرسة السلطانية التي أنشأها السلطان الظاهر غازي. ومن الميزات الثقافية المميزة في المدينة المكتبة العجمية، التي بُنِيت على شكل قصر في القرن الثاني عشر.
تحتضن المدينة العديد من البيمارستانات، فضلاً عن البلاط التاريخي والمنازل القديمة الأثرية، وصوامع المتصوفين، والمساجد الشهيرة، وعلى رأسها الجامعة الأموية، وجامع الخسروية، وجامع التوتة. كما تحتوي المدينة على عدد من الكنائس القديمة مثل كنيسة الأربعين شهيداً وكنيسة السيدة العذراء، بالإضافة إلى كثير من الخانات والأسواق المعروفة.
أحدث التعليقات