تعتبر مدينة تربة من المدن التاريخية التي لها جذور عميقة في تاريخ الجزيرة العربية، حيث تقع في أراضي المملكة العربية السعودية. تأسست المدينة في عصور قديمة قبل الميلاد وذُكرت في العديد من المخطوطات القديمة التي عاصرت فترة العماليق كما ورد في العهد القديم. يحيط بمدينة تربة وادي تربة، الذي يُعد واحدة من أكبر الأودية في الجزيرة العربية، وتقع المدينة على بُعد 130 كيلو متراً من مدينة الطائف و120 كيلو متراً من مدينة الباحة.
استوطنت مدينة تربة قبائل متعددة منذ العصور الجاهلية وحتى العصر الحديث. وتشير المخطوطات التاريخية إلى أن قبائل هوزان كانت أول من استقر فيها، ومن هذه القبائل تفرعت قبائل مثل بني هلال وبني كلاب والضباب وقبيلة خفاجة التي تعود إلى بني عامر. وخلال الفترة التي سبقت البعثة النبوية، ساهمت قبيلة البقوم في استيطان المنطقة، ولكنها ظلت موجودة بعد ظهور الإسلام.
لقّبت مدينة تربة بـ “بوابة نجد ومفتاح الحجاز”، وهذا اللقب جاء نتيجة لامتداد وادي تربة الذي يصل طوله إلى حوالي 400 كيلو متر. يبدأ الوادي من منطقة السراة وينتهي عند الجنوب الغربي لصحراء نجد.
يمتاز موقع مدينة تربة بالعديد من الخصائص التي ساهمت في استمراريتها وازدهارها العمراني. من أهم هذه المزايا قربها من منطقة الحجاز وسهولة الوصول إليها، وقربها من صحراء نجد مما يتيح للرعاة رعي مواشيهم بسهولة. كما أن مناخ تربة المعتدل يجعلها مكاناً ملائماً للسكن. بالإضافة إلى ذلك، وفرة المياه في المنطقة ساهمت في استقرار السكان، وتربة المدينة الخصبة أتاحتها لزراعة متنوعة مما ساهم في تنوع المواسم الزراعية. تُعرف المدينة أيضاً بكثرة الفلوات والمراعي المحيطة بها، فضلاً عن تطورها العمراني الملحوظ.
تضم مدينة تربة مجموعة من المعالم الأثرية والتاريخية التي تعكس غنى تاريخها. من أبرز هذه المعالم بقايا منازل قديمة تقع في أعالي الجبال والتلال، بالإضافة إلى الحصون الشهيرة مثل حصن “كراء”. كما يوجد في المنطقة العديد من النقوش التاريخية القديمة والطرق التي تعود إلى عصور سابقة، إلى جانب الآبار القديمة والسدود التي أقامها الأجداد.
عند زيارة مدينة تربة، يجب على الزوار التوجه إلى “قلعة شنقل”، وهي قلعة أثرية بُنيت على منحدر. ولا يجب نسيان “قصر منيف”، الذي شهد معركة تربة الشهيرة المُدوّنة في كتب التاريخ، فضلاً عن “سوق رمادان” الذي أُعيد بناؤه بعد حريق هائل التهمه. إضافة إلى ذلك، تضم المدينة “جبال البغيثاء وأبو مراس”، التي تعد آثارها شاهداً على تاريخ قبائل البقوم التي شيدت هذه المعالم من الحجر.
أحدث التعليقات