موقع مدائن صالح في المملكة العربية السعودية

مدائن صالح

مدائن صالح (بالإنجليزية: Mada’in Saleh) هي مدينة أثرية تقع في المملكة العربية السعودية، تنتمي إلى حضارة الأنباط التي نشأت قديماً في مناطق جنوب الأردن وشمال المملكة. كانت معروفة سابقاً باسم “الحجرة” (بالإنجليزية: Hegra) نظراً لاحتوائها على آثار حجرية ضخمة تعكس العمارة النبطية المماثلة لمدينة البتراء. ولا تزال الآثار التي يحتضنها الموقع قائمة حتى اليوم، بما في ذلك مقابر كبيرة، وآبار مائية، و153 واجهة حجرية مزخرفة تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد.

تتجاوز الأهمية التاريخية لمدائن صالح عصر الأنباط، حيث تعتبر مدينة تاريخية شهدت مرور عدة حضارات منذ عصور ما قبل الميلاد حتى اليوم، وقد تركت تلك الحضارات آثاراً متنوعة بها. تحتوي جدران الحجرة على نقوش كتابية تغطي مواضيع دينية ومليكة، مكتوبة بالثمودية، اللاتينية، النبطية، اللحيانية، والإسلامية، والعربية الجنوبية. كما تم ذكر المدينة في سور قرآني دلالة على موطن قوم ثمود. في عام 2008، تم إدراج الموقع على قائمة التراث العالمي لليونسكو، مما جعله أول موقع سعودي ينضم إلى هذه القائمة.

موقع مدائن صالح

تقع مدائن صالح في موقع استراتيجي بين مصر وبلاد الشام والعراق، في الجزء الشمالي الغربي من المملكة العربية السعودية، وبالتحديد بين تبوك والمدينة المنورة، على بعد 22 كيلومتراً شمال محافظة العلا. كما تبعد عن مدينة البتراء الأردنية، التي كانت عاصمة الأنباط قديماً، مسافة 500 كيلومتر إلى الجنوب الشرقي. تمتد إحداثيات المدينة بين خط طول ″30′47°26 شمالاً وخط عرض ″10′57°37 شرقاً.

تاريخ مدائن صالح

يرجع تاريخ الحجرة إلى عصور ما قبل الميلاد، حيث تشير الأدلة التاريخية إلى أن أول حضارة قامت فيها هي مملكة لحيان، المعروفة أيضاً بمملكة ديدان، التي عاشت فيها شعوب المعينيين والثموديين. لقد استوطنت هذه المملكة المنطقة منذ عام 2000 قبل الميلاد حتى عام 1700 قبل الميلاد، قبل أن تظهر الحضارة النبطية. في ذلك الوقت، كانت مملكة لحيان تتحكم في طرق التجارة بين شبه الجزيرة العربية والحضارات الشمالية، حيث لعبت مدينة الحجرة دوراً مهماً كونها مركزاً تجارياً استراتيجياً.

أثناء القرن الأول قبل الميلاد، سيطر الأنباط على المدينة، وتشير الآثار النبطية الموجودة إلى فترة ازدهار المدينة في ذلك العصر، وبخاصة في عام 74 ميلادي. وقد اعتُبرت المدينة ثاني أهم مدينة في الحضارة النبطية بسبب موقعها الاستراتيجي الذي يربط الجنوب بالشمال. كما كانت مدينة الحجرة محوراً مهماً لخطوط التجارة التي تربط الجزيرة العربية بحضارات الشمال، حيث كانت تنقل السلع مثل التوابل واللبان والمر إلى الرومان والإغريق والفراعنة والحضارات الأخرى المطلة على البحر الأبيض المتوسط.

في عام 106م، سقطت الدولة النبطية تحت سيطرة الرومان، الذين استولوا أيضاً على الحجرة، مما أدى إلى تراجع دورها كمركز تجاري رئيسي. وقد قام الرومانيون بتغيير خطوط التجارة الداخلية واستبدالها بموانئ البحر الأحمر. ومع ذلك، استمرت المدينة في التألق كممر للحجاج بين دمشق ومكة المكرمة. وعادت مملكة لحيان للظهور في المنطقة من جديد خلال الفترة ما بين 107م و150م. في الثمانينيات من القرن التاسع عشر، اكتشف الرحالة الأوروبي تشارلز داوتي آثار المدينة مرة أخرى بعد سماعه عن مدينة تشبه البتراء وتقع إلى الجنوب منها.

ذكر مدائن صالح في القرآن

في عام 2000 قبل الميلاد، أرسل الله عز وجل النبي صالح إلى قوم ثمود ليدعوهم لعبادته. وقد كانت حياة قوم ثمود مزدهرة، لكنهم أظهروا جحوداً لنعم الله، حيث استقروا في مدينة الحجر. طلب قوم ثمود من النبي صالح معجزة لإثبات نبوته، فأرسل الله لهم ناقة، ودعاهم إلى عدم إيذائها، لكنهم لم يمتثلوا وقتلوها. في الآية الكريمة من سورة الشمس جاء: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا*إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا*فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا*فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا*وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا*). وقد عاقبهم الله بسبب إعراضهم عن أوامره بقوله: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ). يُعتقد أن اسم “مدائن صالح” مستمد من النبي صالح نفسه.

معالم مدائن صالح

تمتاز مدائن صالح بالعديد من الآثار التي تحتفظ بها حتى اليوم، وتشمل الواجهات الصخرية المنحوتة في عصر الأنباط إلى جانب الآثار الإسلامية. ومن أبرز المعالم الموجودة في مدائن صالح:

  • القصر الفريد: يعد من أشهر المعالم في مدائن صالح وفي المملكة العربية السعودية، ويتضمن قبرًا منحوتًا على شكل قبة صغيرة، واقفًا بفخر في العراء. لا تزال واجهة القصر غير مكتملة، ولكن الجزء السفلي منها منحوت بالكامل، مما يدل على أسلوب العمارة القديمة للقبور التي تبدأ من الأسفل إلى الأعلى.
  • قصر البنت: يُعتبر أكبر واجهة لقبر في الحجرة، وهو يحتوي على مجموعة من المقابر المجاورة. يبلغ ارتفاع القصر 16 متراً، ويوجد نقش كتابي على بابه يشير إلى أن القبر نُحت من قبل النحات حور بن أهي لصالح هاني بن تافسي وعائلته في عهد الملك النبطي الحارث الرابع تقريباً في عام 31م.
  • جبل إثلب: يقع في الجزء الشمالي الشرقي من الموقع، حيث يتوسطه فتحة طبيعية تُعرف بالسِيق، التي تشبه إلى حد كبير سِيق مدينة البتراء، ويبلغ طولها 40 متراً. عند مدخل السِيق هناك غرفة تحتوي على ثلاثة مقاعد حجرية كانت تُستخدم في الولائم المقدسة. يُعرف هذا المكان اليوم باسم الديوان.
  • الواجهات الصخرية والقبور: تنتشر في المنطقة العديد من القبور المتشابهة في تصميمها، وتحتوي كل واحدة منها على بوابة تؤدي إلى الداخل حيث يوجد القبر. وقد زُينت الجدران الداخلية بنقوش، ولكن ليس بدقة كما هو الحال في الواجهات الخارجية للقبور.
  • قصر الصانع: هو قبر آخر يتميز بتصميم مماثل لبقية المقابر، ويحتوي من الداخل على نقوش وزخارف يُعتقد أنها كانت ترافق الطقوس الجنائزية.
Published
Categorized as الآثار المصرية القديمة