تُعد منظمة الأمم المتحدة منظمة عالمية تم تأسيسها في عام 1945 بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية. تم إنشاء هذه المنظمة بهدف تعزيز الأمن والسلم الدوليين وسط الدمار الذي عانى منه العالم نتيجة الحروب العالمية، ولتجاوز إخفاقات عصبة الأمم في تحقيق هذا الغرض. تضم هذه المنظمة ست منظمات عالمية، كل منها له هدفه ومهامه الخاصة، وهي: الجمعية العامة، ومجلس الأمن الدولي، ومجلس الوصاية، والأمانة العامة، ومحكمة العدل الدولية، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
محكمة العدل الدولية هي إحدى مؤسسات منظمة الأمم المتحدة التي سنتناول الحديث عنها في هذا السياق، وهي الهيئة القضائية الأساسية في المنظمة. تأسست المحكمة في عام 1945، وبدأت بكامل نشاطها الفعلي في عام 1946، أي بعد عام من تأسيسها. وتختلف هذه المحكمة بشكل واضح عن المحكمة الجنائية الدولية.
تُعتبر مدينة لاهاي في هولندا المقر الرئيسي لمحكمة العدل الدولية، حيث تقع في جنوب غرب هولندا على سواحل بحر الشمال. وتتميز هذه المؤسسة بأنها الوحيدة من بين مؤسسات الأمم المتحدة التي لا تتخذ من مدينة نيويورك مقراً لها، كما هو الحال بالنسبة لباقي المؤسسات الأخرى.
تعمل محكمة العدل الدولية على تحقيق أهداف ونشاطات قضائية فعّالة وواسعة النطاق. تتمثل مهامها الرئيسية في النظر في القضايا المقدمة من الدول ضد بعضها البعض وتقديم استشارات قانونية للهيئات الدولية التي تطلب ذلك. على الرغم من أن عدد الأحكام الصادرة عن المحكمة قد يكون محدوداً، إلا أن نشاطها قد ازداد بشكل ملحوظ خلال ثمانينات القرن الماضي. وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الوحيدة التي سحبت اعترافها بالمحكمة، مما يتيح لها عدم الالتزام بأي من قرارات المحكمة، وهي تأخذ ما يناسبها وتترك ما لا يناسبها.
تتكون محكمة العدل الدولية من 15 قاضياً يتم انتخابهم من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، وتستمر مدة عضويتهم تسعة أعوام، مع إمكانية إعادة الانتخاب والترشيح مرة أخرى. يتم انتخاب ثلث الأعضاء كل ثلاث سنوات، ولا يمكن أن يكون هناك قاضيان يحملان نفس الجنسية. في حال توفي أحد الأعضاء، يتم انتخاب قاضٍ بديل بنفس الجنسية. تحظى عملية انتخاب القضاة بمعايير محددة، تشمل التحلي بالأخلاقيات العالية، والتأهيل الأكاديمي اللازم لشغل هذا المنصب الهام، والكفاءة في مجال القانون الدولي. كما يمكن عزل القضاة من خلال تصويتات سرية بين أقرانهم في المحكمة.
في إطار المحكمة، يستطيع القضاة إصدار أحكام مشتركة أو مستقلة، وتُتخذ القرارات بناءً على نظام الأغلبية. ويُعتبر رئيس المحكمة هو الصوت المرجح في حال حدوث تساوي في الأصوات. يهدف عمل المحكمة إلى تقديم حلول سلمية للنزاعات القانونية الدولية، حيث تتعامل مع القضايا التي تُحال إليها من دول ضد دول أخرى، وتستند في أحكامها على القانون الدولي.
أحدث التعليقات