محافظة ذي قار

محافظة ذي قار هي واحدة من المحافظات العراقية التي تقع في الجزء الجنوبي من البلاد، شمال محافظة البصرة. سُميت بهذا الاسم نظراً لاستخدام سكانها الواسع للقار في بناء منازلهم. كما تُعزى التسمية أيضاً لمعركة ذي قار الشهيرة التي وقعت في هذه المنطقة بين العرب والفرس قبل الإسلام. تمتاز هذه المنطقة بوفرة عيون الماء العذبة التي كانت تعرف بعيون ذي قار، حيث حقق العرب انتصاراً تاريخياً على الفرس في هذه المعركة، مما شكل نقطة تحول في التاريخ العربي. على مر العصور، كان العرب خاضعين للفرس بقيادة دولة المناذرة التي كانت تمثل القوة العسكرية للفرس ضد أي تمرد أو اعتداء من القبائل العربية. في هذه المنطقة، عاشت قبائل بكر ابن وائل، وتغلب، وبني شيبان، وإياد، والتي شكلت الجيش الذي هزم الفرس.

مدينة أور

تُعتبر مدينة أور، مسقط رأس النبي إبراهيم عليه السلام، من أبرز المعالم التاريخية في محافظة ذي قار، حيث كانت مهد الرسالة السماوية. كما كانت المدينة جزءاً من الحضارة السومرية، التي تُعد واحدة من أقدم الحضارات في التاريخ. عُثر على ألواح مكتوبة باللغة السومرية (المسمارية) تتعلق بالشمس والكواكب التسعة التي تدور حولها. كان السومريون رواداً في استراتيجيات الحرب الحديثة، حيث استخدموا الخيول والرماح والعربات. كما توجد ألواح تتحدث عن الأسواق المنظمة وابتكار أول ساعة تقيس الوقت على أساس 24 ساعة و60 دقيقة. بالإضافة إلى ذلك، قام السومريون بصياغة قانون قطر الدائرة الذي لا يزال يستعمل حتى اليوم، ووضعت أول دستور قبل قانون حمورابي. عُرفوا أيضاً بظهور الموسيقى والأدب والشعر في أور، مما يجعل ذي قار موطناً لأقدم الحضارات في تاريخ البشرية. لا تزال العديد من الآثار مدفونة، وما تم اكتشافه تم وضعه في متاحف عالمية وأخرى داخل العراق.

بعد الفترة السومرية، ازدهرت عدة حضارات أخرى في ذي قار وأجزاء من العراق، بما في ذلك الحضارة الأكادية، والكلدانية، والأشورية، والبابلية. وقد تغيرت أسماء ذي قار عبر التاريخ باختلاف الأمم الحاكمة، إذ كانت تُعرف في العهد الأموي باسم واسط، وفي العهد العباسي باسم البطائح، بينما خلال الحقبة العثمانية كانت تُسمى المتفق.

يعيش في محافظة ذي قار حالياً حوالي 2 مليون نسمة، أغلبهم من الشيعة، بجانب بعض المسلمين السنة والصابئة. تشتهر المحافظة بالزراعة، خاصة زراعة النخيل، فضلاً عن بعض الأنشطة التجارية وصيد الأسماك.