النبي موسى عليه السلام هو من حظي بشرف لقب “كليم الله”، حيث منح الله عز وجل هذه المعجزة الفريدة بالتواصل معه من وراء حجاب. وُلد سيدنا موسى في بني إسرائيل، وتم إرساله من قبل الله للدعوة إلى عبادة الله -وحده لا شريك له- ولإنقاذ قومه من ظلم فرعون الذي حكمهم لسنوات طويلة.
وُلد النبي موسى في مصر، وفي فترة ولادته كان فرعون يقوم بذبح الأطفال الذكور، فقد ذبحهم عاماً وتوقف عاماً آخر بسبب رؤية حلم تشير إلى مجيء نبي من بني إسرائيل سيضع حدًا لحكمه. ولكن بقدرة الله، أُتيح لموسى أن ينشأ ويكبر في قصر فرعون، بعدما أوحى الله لأمه بأن تلقيه في اليم، كما ورد في سورة القصص: “وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنّا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين”.
تظهر هذه الآية الوعد القوي من الله لأم موسى، بأن يكون عليه السلام محفوظًا وأمينًا. وصدقت مشيئة الله؛ إذ أُلقي في اليم فقادته المياه إلى آسيا، زوجة فرعون، التي أحبته وقررت أن تتخذه ابنًا. وقدر الله أن يعود موسى إلى حضن والدته بعد أن حرم الله عليه المراضع، حيث نشأ معها حتى بلغ سن الأربعين.
أثناء عودته من مدين، تاه سيدنا موسى في الصحراء حتى شاهد نارًا فجلس قربها ليستأنس بها. وفجأة سمع نداءً من السماء فشعر بالخوف والارتباك، ولكنه سرعان ما استشعر الأمان بعدما أدرك أن الله سبحانه قد اختاره من بين قومه ليكون رسولًا ونبيًا.
انعم الله عز وجل على سيدنا موسى بالكثير من المعجزات، مثل اليد البيضاء والعصا التي تحولت إلى أفعى. وقد آمن السحرة بعد رؤيتهم للمعجزات، حيث أدركوا أن ما حدث ليس سحرًا، وكان ذلك بفضل معرفتهم العميقة بالسحر وألاعيبه. وبعد أن آمنوا بالله، أعطى فرعون أمرًا بقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، مما يدل على قوة الحجة والمعجزة التي منحها الله لموسى عليه السلام.
توجد خلافات بشأن مكان دفن موسى عليه السلام. فقد زعم الحافظ ابن حبان أن موسى دُفن في مدين بين المدينة المنورة وبيت المقدس، ولكن الضياء علق على قوله موضحًا أن مدين ليست قريبة من المدينة المنورة أو بيت المقدس. لكن مما هو ثابت في مكان دفن موسى ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عن موسى عندما أتى أجله: (فسأل الله أن يُدْنِيَهُ مِن الأرضِ المُقَدَّسةِ رميةً بحجرٍ. قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فلو كنتُ ثَمَّ لأريتُكُم قبرَهُ، إلى جانبِ الطَّريقِ، عندَ الكَثيبِ الأحمَرِ). من الجدير بالذكر أن هناك خلافًا حول تحديد حدود الأرض المقدسة، فقد اعتبرها البعض أنها تعود لمنطقة بيت المقدس، أي المسجد الأقصى، نظرًا لأنها كانت موطن الأنبياء والمؤمنين. وهناك من أشار إلى أنها المنطقة المحيطة بالطور، واخرون اعتبروها الشام، بينما قال البغوي إنها تشمل الشام وفلسطين والأردن، وكذلك البعض الآخر اعتبر دمشق وفلسطين كجزء من الأرض المقدسة.
أحدث التعليقات