تتعدد الروايات حول موقع قبر نبي الله سليمان -عليه السلام-، حيث يشير البعض إلى أنه يقع في بحيرة طبريا بفلسطين، بينما يذهب آخرون إلى القول بأنه دُفن بجوار أبيه داود -عليه السلام- في قبر واحد بمدينة القدس. ويُذكر أن عمره عند وفاته كان اثنتين وخمسين سنة، وقد استمر ملكه لأربعين عاماً.
تنتشر في المجتمعات العديد من الأخبار والروايات المتعلقة بمقامات وقبور الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، إلا أن الكثير من هذه المعلومات تفتقر إلى الأدلة الداعمة، وتعتبر مجرد تخمينات لا ترقى إلى مستوى الحقائق الثابتة. وقد أوضح بعض العلماء والمؤرخين المسلمين أنه لم يثبت مكان قبرٍ من قبور الأنبياء سوى قبر النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- في المدينة المنورة، بينما لم يُؤكد موقع قبور باقي الأنبياء بشكل قاطع.
ومن المحتمل أن تكون الحكمة من إخفاء قبور الأنبياء والرسل -عليهم السلام-، باستثناء قبر النبي محمد -عليه الصلاة والسلام-، هي منع الشرك بالله من خلال اتخاذ قبور الأنبياء مزارات يقصدها الناس للتوسل دون اللّه -تعالى-. ويتوجب على المسلم أن يدرك أن مثل هذه المعلومات ليست لها تأثيرات كبيرة على واقعه، وينبغي له أن يركز على ما ينفعه في دينه ودنياه، مثل الاستفادة من سير وقصص الأنبياء والرسل -عليهم السلام-، لاكتساب العبرة التي تعينه على التقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- وعبادته بطريقة ترضيه.
يمكن للمسلم أن يستفيد من سيرة النبي سليمان -عليه السلام- دروسًا وعبرًا متعددة، حيث وردت قصته في عدة مواضع من القرآن الكريم. وفيما يلي بعض الفوائد الأساسية المستنبطة من سيرته.
أنعم الله على سليمان -عليه السلام- بملك عظيم لم يُمنح لأحدٍ قبله؛ فقد سخّر له الجنّ لتنفيذ أوامره، كما منحَه القدرة على فهم لغة الطيور والحيوانات، إضافةً إلى تسخير الريح له لنقله إلى المكان الذي يرغب فيه. وقد بلغت مملكته في عهده مستوى من العظمة لم يُشهد له مثيل من قبل.
استجاب سليمان -عليه السلام- لهذا الملك والكرامة بمزيد من الشكر لله -سبحانه وتعالى- والثبات على الأعمال الصالحة، كما قال تعالى: (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ).
تُظهر سيرة النبي سليمان -عليه السلام- مدى ثباته على الدعوة، حيث كان حريصًا على هداية الناس وإخراجهم من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد. فعندما سمع أن قومًا يسجدون للشمس بدلاً من الله، أرسل إليهم رسالة يدعوهم فيها إلى التوحيد. ونتيجة لموقفه الحازم، استجاب القوم وأتت ملكتهم إلى سليمان مسلمةً لله طائعة وراغبة.
أحدث التعليقات