استند العلماء في تحديد موقع قبر سيدنا موسى -عليه السلام- إلى روايات تاريخية تشير إلى أنه دفن بالقرب من الأراضي الفلسطينية. يتضمن ذلك حديثاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (أُرْسِلَ مَلَكُ المَوْتِ إلى مُوسَى عليهما السَّلَامُ، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ، فَرَجَعَ إلى رَبِّهِ، فَقَالَ: أرْسَلْتَنِي إلى عَبْدٍ لا يُرِيدُ المَوْتَ، فَرَدَّ اللَّهُ عليه عَيْنَهُ وقَالَ: ارْجِعْ، فَقُلْ له: يَضَعُ يَدَهُ علَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بكُلِّ ما غَطَّتْ به يَدُهُ بكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ…).
سأل موسى -عليه السلام- ربه: (أي رب، ثم ماذا؟)، فأجابه الله: (ثم الموت). عندها طلب موسى أن يُدنى من الأرض المقدسة مسافة رمية حجر. وذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه لو كان هناك لكان قادراً على إظهار قبره، الذي يقع بجانب الطريق قرب الكثيب الأحمر.
تعددت آراء العلماء حول تحديد معنى الكثيب الأحمر وحدود الأرض المقدسة. وفيما يلي بعض من هذه الآراء:
وبذلك، تشير الآراء الأخيرة إلى إمكانية وجود قبر سيدنا موسى خارج فلسطين ولكنه قريب منها. كما يشير حديث آخر إلى ذلك، حيث قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في فضل موسى: (أَتَيْتُ -وفي رِوَايَةٍ: مَرَرْتُ- علَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي عِنْدَ الكَثِيبِ الأحْمَرِ، وَهو قَائِمٌ يُصَلِّي في قَبْرِهِ).
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: “ادعى ابن حبان أن قبر موسى يقع في مدين بين المدينة وبيت المقدس، ولكن الضياء رد عليه بأن أرض مدين ليست قريبة من مدينة الرسول أو بيت المقدس. وقد ارتبط قبر بموقع بأريحاء حيث يُعرف بكثيب أحمر ويعتقد أنه قبر موسى، وتعتبر أريحاء جزءاً من الأرض المقدسة.”
علق القرطبي على الأحاديث التي تشير إلى أن موسى -عليه السلام- مدفون عند الكثيب الأحمر، مشيراً إلى أن الكثيب هو الكومة من الرمل، واصفاً إياه بأنه يقع في طريق بيت المقدس. وقد ذكر القرطبي أن الله أخفى قبر موسى عن البشر لمنع عبادته.
يوجد مزار يُنسب إلى النبي موسى -عليه السلام- في قمة جبل نيبو بمحافظة مأدبا في الأردن، والذي يقع جنوب عمان. ويُحتمل أن يكون الكثيب الأحمر المذكور في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الجبل ذاته؛ حيث قال الله تعالى: (وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلًا). ونظراً لأن الأرض المقدسة كانت محرمة على بني إسرائيل لمدة أربعين سنة، فهذا يعني أن موسى -عليه السلام- قد تمكن من رؤية هذه الأرض من فوق الكثيب؛ وقد ثبت أن المسجد الأقصى يمكن رؤيته من قمة جبل نيبو بالعين المجردة.
أحدث التعليقات