يعتقد أن قبر النبي شعيب -عليه السلام- موجود في مدينة مكة المكرمة، غرب الكعبة المشرفة، تحديداً بين دار الندوة وباب بني سهم. وهناك روايات أخرى تشير إلى أنه يقع في قرية خيارة في منطقة طبرية، أو أنه موجود في الأردن، بالقرب من مدينة الصلت. كما قيل إن قبره موجود في حطين، وهي قرية تقع بين أرسوف وقيسارية، أو بين طبرية وعكا. وهناك رأي آخر يذكر أن حطين هو بحيرة تقع في مصر بين الفرما وبلبيس، حيث تصطاد الأسماك المعروفة باسم سمك الحطين.
من المهم أيضًا الإشارة إلى أن الله -تعالى- بعث نبيًا آخر بعد شعيب -عليه السلام- يُدعى بشعيب بن ذي مهدم بن حصورا، أرسله إلى قومه بني حصورا الذين كانوا يعيشون بين سوريا والعراق في منطقة سماوة. ويُقال أيضًا إن اسمه شعيب بن نهد، وقبره يقع في جبل ضين في اليمن.
شعيب -عليه السلام- هو ابن ميكائيل بن يشجب بن مدين بن إبراهيم. وهناك من يقول إنه ابن عيفاء بن ثويب بن مدين بن إبراهيم، أو ابن نوفل بن رعبيل بن مر بن عنقاء بن مدين، والآراء تختلف في نسبه. وقد أرسله الله -تعالى- نبيًا إلى قومه المدينين، الذين كانوا يعيشون في شمال الجزيرة العربية، في منطقة تقع بين مكة وفلسطين.
تميز -عليه السلام- بفصاحته وبلاغته في نصح قومه ودعوتهم إلى توحيد الله -تعالى- وعبادته، حتى لقبه بعض السلف بلقب “خطيب الأنبياء”. وقد ذكر بعض المفسرين أنه كان كفيفاً، ويستندون في ذلك إلى قوله -تعالى-: (قالوا يا شُعَيبُ ما نَفقَهُ كَثيرًا مِمّا تَقولُ وَإِنّا لَنَراكَ فينا ضَعيفًا)، مما يشير إلى إمكانية ضعفه بسبب العمى، إلا أن الله -تعالى- قد أعاد إليه بصره.
دعا شعيب -عليه السلام- قومه إلى عبادة الله -تعالى- وتوحيده، وقد اشتهر قومه بالفساد والغش، لذا أنذرهم بشأن نقصان الكيل والميزان، حيث قال -تعالى-: (وَإِلى مَديَنَ أَخاهُم شُعَيبًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ وَلا تَنقُصُوا المِكيالَ وَالميزانَ). كما نبههم إلى عدم تبخيس حقوق الآخرين في التجارة، حيث قال -تعالى-: (وَلا تَبخَسُوا النّاسَ أَشياءَهُم).
كما نهى قومه عن الاعتداء على الآخرين والإفساد بمختلف أشكاله، حيث قال -تعالى-: (وَلا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدينَ). لكن قومه أصابهم الجحود ورفضوا الاستجابة لدعوته، حتى أنهم واجهوه بطرق متعددة، تشمل:
عندما العلم -عليه السلام- عدم استجابة قومه وكفرهم، أخبرهم بصدق نصيحته وأن عليهم الانتظار للعذاب الذي سيحل بهم، حيث قال -تعالى-: (فَتَوَلّى عَنهُم وَقالَ يا قَومِ لَقَد أَبلَغتُكُم رِسالاتِ رَبّي وَنَصَحتُ لَكُم فَكَيفَ آسى عَلى قَومٍ كافِرينَ). وبعد ذلك، أنزل الله -تعالى- عذابه عليهم، حيث عانوا من حر شديد لا ينفع معه ماء ولا ظل.
فما كان لهم إلا أن هرعوا إلى الصحراء حين رأوا سحابة، فتجمعوا تحتها، إلا أنهم تعرضوا لصيحة عظيمة من السماء أودت بحياتهم، عدا شعيب والذين آمنوا معه، حيث أنقذهم الله -تعالى- من العذاب، حيث قال -تعالى-: (وَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا شُعَيبًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَأَخَذَتِ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ).
أحدث التعليقات