توفي القائد خالد بن الوليد -رضي الله عنه- خلال فترة خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وذلك في عام الحادية والعشرين للهجرة. وقد أقام في مدينة حمص بسوريا حيث وُوري جثمانه الثرى، ويمتاز قبره بوجود مسجد بني تخليداً لذكراه، لا يزال قائماً حتى يومنا هذا. من المعروف أن خالد في أيام مرضه قال: “لقد شهدت ما يقارب مائة معركة، وما عاناه جسدي من إصابات ووضراطي، والآن أموت فوق فراشي كما يموت الجمل. فلا نامت أعين الجبناء، وليس هناك من عمل أرجى من عبادة لا إله إلا الله، وأنا في حماية ذلك”، وقد حزنت نساء بني المغيرة لفقدانه، وكان عمره عند وفاته حوالي ستين عاماً.
هو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ويُعرف بلقب أبي سليمان. والدته هي لبابة بنت الحارث الهلالية، ووالده الوليد بن المغيرة، الذي يُعتبر من كبار قريش وسيد بني مخزوم. نشأ خالد في كنف الصحراء كغيره من أبناء الشرفاء في مكة المكرمة. أسلم خالد بن الوليد في السنة السابعة للهجرة، وهناك رواية تُفيد أنه أسلم في السنة الثامنة قبل الفتح، مما أسعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشكل كبير. ومع إسلامه -رضي الله عنه-، أُعز الإسلام وأعطي للأمة الإسلامية قائدٌ عسكريٌّ من طراز فريد، مما دفع النبي -عليه الصلاة والسلام- لاختياره لقيادة العديد من الحملات العسكرية، ولذلك لُقّب بسيف الله المسلول. ومن ثم، تولى خالد في فترة خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- محاربة المرتدين مثل مسيلمة الكذاب، ولعب دوراً بارزاً في الفتوحات الإسلامية خلال فترة خلافة أبي بكر وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-.
استفاد خالد بن الوليد -رضي الله عنه- من معرفته بفنون الفروسية منذ صغره، حيث أظهر براعة وقدرة استثنائية في الحروب. كان خالد جسدياً قويًا، وشجاعًا، واجه الأعداء ببسالة منقطعة النظير. لم يشهد تاريخ المسلمين قائدًا عسكريًا بمعيار خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، الذي ارتبط اسمه ارتباطاً وثيقاً بالنجاحات العسكرية. وقد مُنحت له الفتوحات المبنية على النتائج الباهرة في حروب الردة وغيرها من المعارك الهامة في زمن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. ومن المؤشرات على عبقريته العسكرية، أنه لم يُهزم في نحو مائة معركة قادها بفضل الله، رغم أنه واجه أقوى الامبراطوريات آنذاك: الفرس والروم، حيث كانت الأعداد ضعيفة لصالح جيوش العدو. ورغم أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أوقفه عن قيادة جيوش الفتح إلى الشام لكي لا يُعتقد أن النصر دعا إلى شخص خالد، إلا أن خالد شارك كجندي في الفتح تحت قيادة أبي عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه-.
أحدث التعليقات