موقع غار ثور: أين يمكن العثور عليه؟

الهجرة النبوية الشريفة

تعتبر الهجرة النبوية الشريفة واحدة من أبرز وأهم الأحداث في تاريخ الإسلام، حيث تشكل الفاصل بين المرحلة المكية والمرحلة المدنية للدعوة الإسلامية. وقد أحدثت الهجرة تحولًا كبيرًا في مجريات التاريخ آنذاك، متجسدةً في أسمى معاني التضحية، الوفاء، الصبر، والنصر، وكانت بمثابة المرحلة الأولى لتأسيس دولة الإسلام. لم يكن أهل قريش على دراية بإذن الله -تعالى- إذن نبيه محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- بالهجرة. حيث غادر النبي منزله في ليلة السابع والعشرين من شهر صفر للسنة الرابعة عشر للنبوة، متوجهًا إلى بيت صديقه أبي بكر الصديق في وقت الظهيرة متخفياً. وقد بادر النبي بإبلاغه عن الهجرة، وكان أبو بكر قد أعد لذلك بحجز راحلتين، واستأجر شخصًا يعرف الطريق يدعى عبد الله بن أريقط ليقوم برعاية الراحلتين، وتم الاتفاق معه على اللقاء في غار ثورٍ بعد ثلاث ليال. بينما قامت عائشة وأسماء -رضي الله عنهما- بإعداد الطعام والمؤونة للنبي وأبي بكر، حيث قامت أسماء بحمل الطعام في نطاقها الذي شقته إلى نصفين، مما أكسبها لقب “ذات النطاقين”. كما عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- للصحابي علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه بمهمة إعادة الأمانات إلى أصحابها والنوم في فراشه. وعندما غادر الرسول مع أبي بكر، استخدموا بابًا خلفيًا لتجنب الأنظار، متجهين إلى المدينة المنورة عبر طريقٍ غير معروف لكثير من الناس، حيث كان طريق الشمال مشهورًا ومعتادًا. لذا اتخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- الطريق الجنوبي المتجه نحو اليمن حتى وصل إلى جبل ثورٍ.

موقع غار ثور

يقع غار ثورٍ في الجهة الجنوبية من المسجد الحرام، على بُعد تقريبًا أربع كيلو مترات من مكة المكرمة، ويرتفع عن سطح البحر بحوالي سبعمائة وثمانية وأربعين مترًا. يُعتبر غار ثور مكانًا آمنًا حيث مكث فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصديقه أبو بكر الصديق حتى هدأت عملية البحث عنهما من قريش. وفي خلال بحث قريش عنهما، عثروا على باب الغار، لكن الله -تعالى- حمى الرسول وأبا بكر بفضل رحمته. حيث قال أبو بكر للرسول: (لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه)، فأجابه النبي: (يا أبا بكر، ما ظنُّك باثنَين اللهُ ثالثُهما). وقد أشار الله -تعالى- إلى هذه الحادثة في القرآن الكريم، حيث قال: (إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا…). من الجدير بالذكر أن غار ثور يتضمن فتحتين؛ واحدة في الشرق والأخرى في الغرب، حيث دخل منه النبي وصاحبه أبو بكر الصديق. ولا يُعتبر زيارة غار ثور من الأمور المشروعة في الإسلام، ولا يجوز للمسلم الاعتقاد بأن زيارة الغار تحمل فضلاً أو بركة.

الرسول ورفيقه أبو بكر

روى البخاري في صحيحه عن الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنه، أنه قال: (كُنَّا نُخَيِّرُ بينَ الناسِ في زَمَنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فَنُخَيِّرُ أبا بكرٍ، ثم عُمَرَ بنَ الخطَّابِ، ثم عُثْمانَ بنَ عَفَّانَ). لقد كان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- من أكثر الناس حرصًا على الإنفاق في سبيل الله ودعم دين الإسلام. ومن المواقف الدالة على ذلك، أنه أعتق بلال بن رباح -رضي الله عنه- من أمية بن خلفٍ عندما شاهده يُعذَّب. كان بلال يصرخ: (أحد أحد). وكان لأبي بكر مكانة عظمى عند النبي، حيث قال: (ألا إنِّي أبرأُ إلى كلِّ خِلٍّ من خِلَّتِه، ولوْ كُنتُ مُتَّخِذًا خلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أبا بكرٍ خَلِيلًا، وإنَّ صاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ). كما أشاد النبي بكرم أبو بكر في الإنفاق، حتى قال: (ومَا نفَعَنِي مَالُ أحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعِني مالُ أبي بِكْرٍ)، مبشرًا إياه بمكانته في الجنة. إذ قال الرسول : (أبو بَكرٍ وعمرُ سيِّدا كُهولِ أَهلِ الجنَّةِ منَ الأوَّلينَ والآخرينَ… ). وعندما هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- مع صديقه إلى المدينة، قام أبو بكر بإنجاز العديد من المهام، حيث جعل ابنه عبد الله ينقل لهما ما يُقال عنهما وأمر عامر بن فهيرة برصد الغنم ليأتي بها إليهما في نهاية اليوم، كذلك طلب من ابنته أسماء إيصال الطعام لهما. وقبل دخول النبي إلى الغار، تأكّد أبو بكر من خلوّه من المخاطر، وقد لدغته إحدى الثعابين أثناء وجوده في الغار، لكنه توسل إلى الله وضمده النبي ببصق على مكان اللدغ، فشفاه الله.

Published
Categorized as معلومات عامة