موقع سكن قوم لوط ومكانهم التاريخي

نبي الله لوط عليه السلام

يعد نبي الله لوط عليه السلام من الأنبياء الذين ذُكرت أسماؤهم وأنسابهم في التاريخ، حيث يُقال إنه لوط بن هارون بن تارح، وتارح يُعرف أيضًا باسم آزر. يُشار إلى أن لوطًا عليه السلام هو ابن أخ إبراهيم عليه السلام، وذُكرت قصته مع قومه في القرآن الكريم أكثر من خمس وعشرين مرة، حيث قال الله تعالى: (وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ). كما قال سبحانه: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ*أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ). يُلاحظ أن اسم “لوط” هو اسم أعجمي وليس له جذر عربي، ولا علاقة له بكلمة “اللواط”، إذ أن الأخيرة تعني الفاحشة، ولا يجوز أن يكون اسم نبي مشتقًا من فعل قبيح. وقد أُشير إلى أن قوم لوط قاموا بارتكاب هذه الفواحش بعد أن أصابهم قحطٌ وجوعٌ. حيث اعتقد بعضهم أنهم يجب عليهم منع أي عابر سبيل من الاستفادة من ثمارهم، مما أدى إلى ظهور هذه العادة القبيحة في مجتمعهم.

مسكن قوم لوط

عاش لوط عليه السلام في فترة رسالة إبراهيم عليه السلام، حيث آمن برسالته واتبع تعاليمه. قال الله تعالى: (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). هاجر لوط عليه السلام مع عمه إبراهيم وتبعه في جميع أسفاره، إلى أن أرسله الله -تعالى- كنبىً إلى قومه، وهم أهل سدوم الذين سكنوا بالقرب من البحر الميت، وكان سدوم من أكبر القرى في مدائن لوط، وتواجدت هناك قرى أخرى مثل صَبعة وصَعوة وعُمرة ودُوما. كان أهل سدوم من بين الناس الأكثر كفرًا وأنكروا فضل الله ونعمه، كما كانت أخلاقهم سيئة للغاية، حيث لم يكن لديهم أدنى خجل من ارتكاب المنكرات وحتى إضرار المسافرين. وقد ظهر بين القوم فعل الفاحشة بشكل مُعلن، مما دفع الله -تعالى- لإرسال نبيّه لوط عليه السلام لدعوتهم إلى عبادة الله -تعالى- والابتعاد عن هذه الأعمال الفاسدة.

لم يتردد نبي الله لوط عليه السلام في دعوة قومه للتوحيد ونهيهم عن الفواحش، إلا أنهم ردوا على تلك الدعوات بالكفر والتكذيب. حتى أنهم حاولوا إخراج نبيهم من قريتهم حيث قال الله -تعالى- كما ورد في كتابه: (أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ). وقد كان من الشائع أن يسخر قوم لوط من نبيهم ويطالبوه بمعاقبتهم إذا كان من الصادقين، مما دفع لوطًا عليه السلام للدعاء أن ينصره على قومه.

نزول الملائكة ضيوفًا عند لوط عليه السلام

بعد أن دعا لوط عليه السلام ربه لنصرته، استجاب الله -تعالى- وأرسل الملائكة؛ جبريل وميكائيل وإسرافيل ليمهلوهم بالعذاب. وصل الملائكة أولاً إلى إبراهيم -عليه السلام- ليبشروه بابنه إسحاق ويخبرونه بأخبار قوم لوط. خاف إبراهيم -عليه السلام- على ابن أخيه لوط، فأخبرته الملائكة بأن الله سَيُنجي لوطًا وأسرته، حيث قال الله: (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ*قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ). حتى في هذا الوقت، كان نبي الله إبراهيم -عليه السلام- يأمل في إيمان قوم لوط، فأخذ يجادل الملائكة في هذا الأمر، لكنهم أكدوا له أن أمر الله قد وقع وقضى.

بعد مغادرتهم قرية إبراهيم -عليه السلام- أصبح هؤلاء الملائكة كهيئة شباب جميلين، حتى أن لوطًا عليه السلام خاف عليهم من قومه. وفعلاً، بعد رؤية زوجة لوط لهم، انطلقت نحو قومها لتخبرهم بقدومهم. جاء القوم إلى بيت لوط عليه السلام يطلبون ضيوفه، بينما كان يسعى لإقناعهم بقباحة فعلهم والترهيب منه، إلا أنهم أصروا على موقفهم. قال الله تعالى: (قالَ يا قَومِ هـؤُلاءِ بَناتي هُنَّ أَطهَرُ لَكُم فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَلا تُخزونِ في ضَيفي أَلَيسَ مِنكُم رَجُلٌ رَشيدٌ*قالوا لَقَد عَلِمتَ ما لَنا في بَناتِكَ مِن حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعلَمُ ما نُريدُ).

وفي هذه الأثناء، أدركت الملائكة ما وقع على لوط -عليه السلام- من ضغط، فأبلغوه بأنهم ملائكة مرسلون وأن القوم لن يستطيعوا الوصول إليهم. ثم أخبرتهم الملائكة بأن عذاب الله بات وشيك الوقوع.

نزول العذاب على قوم لوط

أمر الله -تعالى- نبيّه لوطًا بالخروج من القرية مع أهله في الليل قبل شروق الشمس، ووجههم بعدم الالتفات إلى ما سيحدث من ورائهم. خرج لوط بأهله، ولكن زوجته الكافرة كانت معه، فأخبره الله أنها ستنال العذاب كما قومها. ثم أرسل الله جبريل وأخذه كنايةً من جناحه تحت القرية، ورفعها إلى السماء حتى سمع أهل السماء أصوات ديوكهم، ثم انقلبت إلى أسفل. ثم أُرسل عليهم عذابٌ وصيحةٌ وحجارةٌ من السماء، حيث كان على كل حجر اسم من سيقع عليه ليموت. ولقد لحق العذاب حتى زوجة لوط، لأنها كانت راضية بفعل قومها وخانت زوجها بإخبارهم بقدوم الضيوف. وبالتالي، استحقت الهلاك.

Published
Categorized as أسرار تاريخية غامضة