أرسل الله تعالى سيدنا لوط إلى قومه الذين عاشوا في منطقة شرق النهر في غور الأردن بالقرب من البحر الميت، وتعرف هذه المنطقة حاليا باسم بحيرة لوط. بعث لوط لهداية قومه، ودعوتهم لعبادة الله عز وجل، ونهيهم عن ارتكاب الفواحش. وقد عُرف قومه بالظلم والفساد، حيث كانوا يتعدون على الغرباء ويعمدون إلى الإتيان بالرجال بدلاً من النساء.
عقب إدراك قومه للخطر الذي يمثله لوط، سعوا إلى إخراجه من قريتهم برفقة عائلته. لم يؤمن به سوى أفراد عائلته، باستثناء زوجته. لم يستسلم لوط في دعوته لقومه، بل استمر في حثهم على عبادة الله، آملاً في هدايتهم. كما استخدم أساليب الترهيب والوعظ بشأن عذاب الآخرة، بالإضافة إلى الإشارة إلى النعيم الذي أعده الله في الجنة، لكن دون جدوى.
يُعتقد أن انحرافهم للإتيان بالرجال دون النساء جاء نتيجة لغنى أرضهم بالموارد الزراعية والمائية. وفي مرحلة ما، واجهوا جفافًا شديدًا، مما دفعهم إلى الاتفاق على حرمان الغرباء من ثمارهم عبر الاعتداء عليهم. سرعان ما أصبح هذا العمل شائعًا بينهم واستمروا في ممارسته حتى بعث الله نبيه لوط ليحذرهم من هذه الفاحشة. كما جاء في القرآن الكريم: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ) [الأعراف: 80].
لم يستجب قوم لوط لدعوته وأصروا على تمسكهم بمعاصيهم. عندئذ، دعا لوط ربه أن ينصره عليهم، حيث قال: (قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ) [العنكبوت: 30]. استجاب الله عز وجل لدعاء نبيه، فأرسل الملائكة لإهلاكهم، وهم جبريل وإسرافيل وميكائيل، الذين قلبوا قريتهم فوق ساكنيها وأنزلوا بهم عذابًا شديدًا.
يُعتبر لوط عليه السلام من أنبياء الله، وهو ابن هاران وابن أخ سيدنا إبراهيم عليه السلام. تم ذكره في القرآن الكريم سبعًا وعشرين مرة، وظهرت قصته في عدة سور، منها الأعراف والنمل والشعراء والحجر وهود، وقد تم تقديم تفاصيل عن حياته في بعض هذه السور.
لوط بن هاران بن تارح هو ابن أخ إبراهيم، ورافق لوط إبراهيم في رحلته إلى حاران ثم إلى كنعان، وعاد بعد ذلك إلى كنعان. نشأ خلاف بين رعاة إبراهيم ورعاة لوط ما أدى إلى رحيل لوط شرقًا نحو سدوم حيث كان أهلها يرتكبون الفواحش. جاء إليه ملائكة وأمره بالرحيل إلى مدينة صوغر ليبتعد عن العذاب المنتظر. بعد ذلك، هلك قوم لوط عندما قلب الملائكة القرية وأشعلوا فيها النيران. يجدر بالذكر أن لوط في الديانة المسيحية واليهودية يعتبر “رجلًا صالحًا” وليس نبيًا.
أحدث التعليقات