تشير المصادر التاريخية إلى أن قوم نوح -عليه السلام- كانوا يتواجدون في منطقة شمال شرق العراق، حيث كانت ديانتهم قائمة على عبادة الله -عز وجل-، قبل أن يقوموا بتشكيل تماثيل لبعض الصالحين على أمل التقرب إلى الله -عز وجل-، ظنًا منهم أن هذه التماثيل ستزيد من قربهم إلى الله وطاعتهم له. غير أن هذا الاعتقاد قادهم إلى عبادة الأصنام واعتبارهم شركاء مع الله تعالى. ولذلك، أرسل الله سبحانه وتعالى سيدنا نوح -عليه السلام- للقيام بدعوتهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام.
بذل سيدنا نوح -عليه السلام- جهداً كبيراً في دعوة قومه، مستخدماً كافة الوسائل الممكنة لحثهم على عبادة الله تعالى. إلا أن قومه قابلوا هذه الدعوة بالاستكبار والتكذيب، وواصلوا عبادة الأصنام التي أطلقوا عليها أسماء رجال صالحين مثل: ود، وسواع، ويعوق، ونسر، متجاهلين عبادة الله الواحد القهار.
وقد قال الله تعالى عن دعوة نوح -عليه السلام-: (قَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ). كما قال -تعالى-: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا* وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا).
تم ذكر قصة نبي الله نوح -عليه السلام- مع قومه في عدة سور من القرآن الكريم، حيث تناولت سورة هود القصة بتفصيل، إضافة إلى سور أخرى مثل الأعراف، ويونس، والمؤمنون، والشعراء، والعنكبوت، والصافات، والقمر. وكذلك، هناك سورة كاملة تُدعى سورة نوح التي تحتوي على تفاصيل عديدة عن قصته مع قومه.
جاء في القرآن الكريم أن الله -تعالى- أرسل سيدنا نوح -عليه السلام- إلى قومه الذين كانوا يعبدون الأوثان، قائلاً لهم بضرورة عبادة الله وحده ورفض عبادة الأصنام. لكن قوم نوح أظهروا استكباراً وسخرية من المؤمنين معه، واصفين إياهم بأوصاف غير محترمة، وأخبروهم بأنهم من أسفل القوم. لكن نوح -عليه السلام- استمر في دعوته لقومه ودعائهم بالهداية.
توجه سيدنا نوح -عليه السلام- إلى الله -تعالى- بعد أن دعا قومه لفترة طويلة لم يستجب له إلا القليل، فأمره الله -عز وجل- ببناء سفينة في الصحراء، وهي معجزة تصعب على الإدراك. استجاب سيدنا نوح -عليه السلام- لأمر الله وبدأ في صناعة السفينة، بينما سخر منه قومه المكذبون واستكبروا على ذلك.
أمر الله -تعالى- سيدنا نوح -عليه السلام- بركوب جميع المؤمنين معه إلى السفينة، مع إدخال زوجين من كل نوع من الحيوانات. ثم أنزل الله -تعالى- الماء من السماء وتفجرت الينابيع من الأرض، فنجت سفينة نوح من الطوفان العظيم واستقرت على جبل الجودي.
قال -تعالى-: (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ* قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ* وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
أحدث التعليقات