مكان ولادة سيدنا عيسى عليه السلام

قصص الأنبياء

تعتبر قصص الأنبياء من أمتع النصوص التي يتصفحها الإنسان، حيث تحتوي على العديد من العبر والدروس العميقة. قال تعالى: (قَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ). تحمل هذه القصص تذكيرًا بالأمم السابقة وما واجهته من أحداث، كما تعزز من إيمان المؤمنين وتساعدهم على زيادة صبرهم وقوة عزيمتهم في سبيل دعوتهم. إن هذه القصص قد ذكرت في القرآن الكريم بشكل واضح وجلي. سنتناول في هذا المقال قصة النبي عيسى -عليه السلام- ونسلط الضوء على ما جاء في القرآن عن أمه الطاهرة مريم -عليها السلام-.

مريم عليها السلام

تُعد قصة مريم -عليها السلام- من القصص التي تناولها الله عز وجل في القرآن الكريم، حيث تحدث عن نشأتها وتربيتها. فقد نشأت مريم في بيت يعبده أهلها، وكانت أمها (حنّة) دائمة العبادة والتضرع إلى الله. استجاب الله لدعائها بأن يرزقها ذرية، ومن شدة فرحها، نذرت أن يكون ابنها خادمًا لبيت المقدس، شكرًا لله على هذه النعمة. ومع مرور الأيام، زاد فرحها بجنينها الذي كان ينمو في بطنها، ولكنها حزنت بشدة عندما توفي زوجها عمران.

وعندما حان وقت ولادة الجنين، وضعت حنة ابنتها مريم، مما جعلها تشعر بالأسف، لأنها كانت تأمل أن تُنجب ولدًا لخدمة بيت المقدس، حيث أن الولد هو الأنسب لهذه المهمة. تولى زكريا -عليه السلام- كفالة مريم، وكان لا يغيب عنها، إذ اعتبرها تعويضًا له عن حرمانه من الذرية. كان حريصًا جدًا عليها. وكلما دخل عليها، كان يجد عندها طعامًا وفاكهة غريبة، مما أثار دهشته. فسألها زكريا: (يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا)، فأجابت: هو من عند الله، فسكت ولم يعلق.

استمرت مريم -عليها السلام- في عبادتها وعزلتها، بعيدة عن ضغوطات الحياة، بعد أن تمتعت برعاية روحانية. في يوم من الأيام، أثناء صلاتها، شعرت بوجود شخص خلفها. وعندما التفت، وجدت جبريل -عليه السلام-، الذي طمأنها بأن الله قد بشرها بغلام. انتابها الرعب والخوف، وأخبرته بأن هذا يتناقض مع القوانين الطبيعية، لأنها لم تكن متزوجة. فرد عليها جبريل بأن هذا أمر الله وأن عليها أن تقبل ما هو مقدر.

عانت مريم من أفكار متضاربة حول ماذا سيحدث لها وكيف سيتعامل الناس معها، وهي التي اشتهرت بالعفّة والطهارة. كان هذا القلق هو سبب حيرتها.

أين وُلِدَ سيِّدُنا عيسى عليهِ السَّلام

مرت أشهر الحمل على مريم -عليها السلام- بصعوبات وآلام، ولم تتمكن من مواجهة الناس، لذا قررت الانعزال في الناصرة، حيث سكنت في بيتٍ ريفي، متجنبةً اختلاطها بالآخرين، علها ترى الفرج من الله.

انتهى وقت الحمل، وحدثت اللحظة الحاسمة التي كانت تنتظرها مريم. غادرت منزلها حائرة، حاملةٌ معها مشاعر القلق والخوف، حتى جاء المخاض وهي في مكان مقفر. جلست عند نخلة يابسة، وعانت من الألم، ثم بفضل الله عز وجل وضعت طفلها عيسى -عليه السلام-. شعرت بحزن شديد وخوف مُحاصرًا من ردود فعل الناس عندما يرونها بصحبة طفل.

بينما كانت تفكر فيما ستقوله للناس الذين سيتهمونها، جاءها صوت يعزيها، مما جعلها تشعر بالطمأنينة. قال تعالى: (فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا).

وعادت مريم إلى قريتها مع وليدها، لكن الشائعات سرت بسرعة عن تلك الحادثة غير المألوفة. وعندما أشارت إلى ابنها، الذي طفل صغير، تعجب الناس من فعلها، وكأنهم يستنكرون حديثها مع ابنها. كانت تلك بمثابة معجزة عندما نطق عيسى -عليه السلام- من المهد قائلاً: أنا عبد الله، محققًا براءة والدته.

معجزات نبي الله عيسى عليه السلام

أيد الله نبيه عيسى -عليه السلام- بمعجزات عديدة، منها أنه كان يتحدث مع الناس وهو في المهد، كما كان يصنع طيورًا من الطين ثم ينفخ فيها لتحيا بإذن الله، وكان يشفي الأكمه والأبرص. تتحدث آيات القرآن عن كيفية إحيائه للموتى بإذن الله، حيث يقول: (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي).

ومن أبرز معجزاته أيضًا إنزال مائدة من السماء عندما طلب الحواريون منه ذلك، مما جعلها عيدًا لهم جميعًا.

Published
Categorized as إسلاميات