مكان وفاة الإسكندر الأكبر

الإسكندر الأكبر

لا يوجد في التاريخ القديم أو الحديث شخصية حققت مجداً مثل الذي حققه الإسكندر الأكبر. فقد تم تسجيل إنجازات تاريخية ملحوظة له تشمل فتوحات وانتصارات لم يُهزم فيها أبداً، رغم صغر سنه. من المعروف تاريخياً أنه لم يتمكن من حكم العالم والسيطرة عليه سوى اثنين؛ هما النبي سليمان ابن داود عليهما السلام، والإسكندر المقدوني المعروف بالإسكندر الأكبر. تميز الإسكندر بحنكته وذكائه وشجاعته، بالإضافة إلى العديد من الصفات الأخرى التي أهلته لحكم إمبراطورية شاسعة، امتدت من أقصى شرق الأرض إلى أقصى غربها. كما أسهم عقله المدبر في مواجهة الفتن والصراعات التي كانت تحدث داخل الإمبراطورية، خاصة في البلاط الملكي.

يعتبر الإسكندر الأكبر من عظماء التاريخ وأشهر القادة العسكريين؛ كيف لا، وقد تمكن هذا الشاب من فتح العالم القديم برمته. فقد خضع تحت حكمه العديد من الممالك، ورجف أعظم ملوك العالم خوفاً وإجلالاً له. من الجدير بالذكر أن الإسكندر حقق مجداً كبيراً رغم صغر سنه، حيث توفي وهو لا يتجاوز الثلاثة والثلاثين عاماً، وكانت حياته ما بين عام 356 و323 قبل الميلاد. وقد امتدت أراضيه من اليونان إلى مصر مروراً بتركيا وإيران وباكستان.

وفاة الإسكندر الأكبر

توفي الإسكندر الأكبر عن عمر يناهز 32 عاماً في مدينة بابل، في قصر نبوخذ نصر، وكان ذلك في الحادي عشر من يونيو من عام 323 قبل الميلاد. اختلف المؤرخون حول أسباب وفاته؛ فقد أشار بلوتارخ إلى أنه أصيب بحمى قوية قبل وفاته بأربعة عشر يوماً بعد استقباله أحد الضيوف وقضاء ليلة في السمر معه. حيث أصيب بحمى استمرت حتى أصبح عاجزاً عن الكلام، وكان يرد على سلام جنوده بالإشارة. بينما ذكر ديودورس أنه تعرض لألم شديد بعد شربه كأساً من الخمر على شرف هرقل، وتوفي بعد ذلك.

هناك أيضاً تفسيرات أخرى تفيد بأنه قد اغتيل بواسطة أحد الأرستقراطيين المقدونيين من خلال التسمم، إلا أن بلوتارخ رفض هذه الفرضية. تشير الأدلة إلى أنه لو كان سبب الموت هو التسمم، فإن المتهم المحتمل سيكون أنتيباتر، الذي كان الإسكندر قد أوكله بمسؤولية مقدونيا أثناء غيابه. وعند عودته عزل أنتيباتر واستدعاه إلى بابل، مما قد يفسر ردة فعل أنتيباتر في التفكير بوضع السم له. لكن العديد من الباحثين دحضوا هذه الفكرة، موضحين أن فترة مرضه كانت طويلة جداً لأنه لا يمكن لمثل هذا السم أن يؤثر بهذه السرعة.

أحد النظريات الحديثة، التي ظهرت في عام 2010، تشير إلى أن أعراض مرض الإسكندر تتوافق مع أعراض التسمم بماء نهر ستيكس، والذي يحتوي على مادة مميتة تعرف باسم الكاليكميسين. ومن المحتمل أن وفاة الإسكندر تبقى لغزاً كبيراً، حيث يعتقد الأطباء المعاصرون أن السبب قد يكون الملاريا أو مرض الرئة أو فشل في الكبد أو حمى التيفوئيد. تم وضع جثمانه في تابوت ذهبي مصنوع على شكل إنسان. وأثناء جنازته من بابل إلى مقدونيا، اعترضه بطليموس وحوّل مسار الجنازة إلى مصر، حيث تم تحنيط جثمانه، ثم نُقل إلى الإسكندرية، وأخيراً إلى تابوت زجاجي بعدما تم ذوبان الذهبي لصك العملات الذهبية.

نشأة الإسكندر الأكبر وعائلته

وُلِد الإسكندر الأكبر عام 356 قبل الميلاد، وتحديداً في العشرين من يوليو، في مدينة بيلا، عاصمة اليونان. كان ابن الملك فيليب الثاني، الذي فقد إحدى عينيه في إحدى المعارك، وأمه الملكة أوليمبياس، الزوجة الرابعة لأبيه، وابنة ملك إقليم إيبيريا المعروف باسم نيوبطليموس الأول. عُرفت الملكة بذكائها وجمالها، بينما كان الأب يتمتع بصفات مثل القيادة والشجاعة، وقد ورث الإسكندر هذه الصفات عن والديه.

في سنواته الأولى، عيّنت له خادمة تُدعى لانيك كمرضع له، ثم انتقل للتعلم من ليونيدس الإيبروسي، أحد أقرباء والدته، ويليه تعليمه على يد وليسيماخوس، أحد قادة جيش والده. نشأ الإسكندر في بيئة قيادية نبيلة تعلمت فيها القراءة والكتابة والعزف وركوب الخيل، بالإضافة إلى مهارات الصيد والمصارعة. وعندما بلغ سن الثالثة عشرة، أصبح أرسطو معلمه، حيث علمه القيم والمبادئ والثقافة اليونانية التي تعهد الإسكندر بنشرها.

يُقال إن فيليب الثاني بحث عن معلم لتعليم ابنه مختلف العلوم حتى قرر أخيراً إسناد هذه المهمة إلى أرسطو، الذي اشترط مقابل تعليمه إعادة بناء مدينة ستاكيرا مسقط رأسه. قام فيليب بذلك بالفعل، ومن ثم بدأ الإسكندر التعلم في معبد الحوريات، شاملًا الأدب والشعر والطب والتاريخ والجغرافيا. استمر تعليمه على يد أرسطو لمدة ثلاث سنوات، وفيما بعد كان يزوره من وقت لآخر. كما تعلم الإسكندر فنون القتال والاستراتيجيات العسكرية من أبرز المعلمين، وقد اقتدى بوالده الذي كان من أبرز القادة في ذلك العصر.

أسماء الإسكندر الأكبر وألقابه

الإسكندر الأكبر هو الإسكندر الثالث المقدوني، ابن فيليب، وعُرف باسم الإسكندر المقدوني نسبةً إلى المدينة التي ينتمي إليها. عُرف أيضاً بلقب الإسكندر الكبير، واسمه باليونانية هو ألكساندروس أومياكس. تميّز بألقابه المتعددة، كالقائد الأول، والملك المقدوني، وشاه فارس، وسيد آسيا، وكان يُلقَّب أيضاً بفرعون مصر والقائد الأعلى للرابطة الهيلينية.

تسلّم الإسكندر العرش

تولى الإسكندر العرش وهو في العشرين من عمره، وذلك في عام 336 قبل الميلاد، عندما كان والده فيليب في طريقه إلى إيجة لحضور حفل زفاف ابنته كليوبترا على الإسكندر الأول، حيث تم اغتياله على يد قائد الحرس الشخصي. بعد مقتل فيليب الثاني، بايعه النبلاء ملكاً لمقدونيا وقائداً لجيشها.

عندما علمت مجموعة من البلدان، مثل طيبة وأثينا، بموت الملك فيليب، أعلنت الثورة وانفصلت عن الإمبراطورية، لكن الإسكندر واجههم بقوة وأرغمهم على العودة تحت حكمه، مما رسخ سلطته، وأسس جيشاً قوياً تم تجهيز بكافة معدات القتال. ثم بدأ سلسلة من الفتوحات التي امتدت من شرق آسيا إلى الهند، ومن أبرز المعارك التي قادها: معركة الغرانيق عام 334 قبل الميلاد، ومعركة أسوس عام 333 قبل الميلاد، ومعركة غوغامل آربيل عام 331 قبل الميلاد، ومعركة الهيداسب عام 326 قبل الميلاد.

Published
Categorized as تاريخ وجغرافيا