أشار الله -سبحانه وتعالى- في آياته إلى شجرة الزقوم، وبيّن أنها تكون في أعماق النار، موضحة بذلك أنها عقوبة للمشركين الظالمين. ورد في كتاب الله -عز وجل-: (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ* إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ* إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ). ومن خلال هذه الآيات يتضح أن مكان هذه الشجرة هو جهنم.
يعتقد بعض العلماء أن شجرة الزقوم قد تكون من أشجار الدنيا، ولكن الرأي الأرجح من خلال النصوص القرآنية هو أنها ليست كذلك، إذ لا يوجد أسلوب وصف يطابقها بين الأشجار المعروفة، فضلاً عن الصفات الفريدة التي ذُكرت عنها. المصطلح “زقم” مشتق من الفعل “تزقّم”، مما يعني الجهد والصعوبة أثناء البلع، وهو ما يفسر كونها تسمى بهذا الاسم، حيث يتناولها من يبتغي الطعام بشغف شديد مما يجعلهم يعانون أثناء بلعها.
تتميز هذه الشجرة الملعونة بخصائص أوضحها الله -عز وجل- في سورة الصافات، حيث قال -سبحانه وتعالى-: (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ* طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ* فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ* ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ).
وعلاوة على طعمها الكريه، فإن شكلها مثير للاشمئزاز، حيث إن “طلعها” أو ثمرها يشبه شكل الشيطان، ورغم أن الإنسان لم يشاهد الشيطان بشكل حقيقي، إلا أن هذه الصورة توضح فظاعة مشهدها. وفي الحقيقة، إذا أراد أحدهم وصف شيء جميل، فغالبًا ما يشبهه بالملاك، بينما الأشياء القبيحة توصف بالشياطين، وهذا دليل على بشاعة شكلها ومظهرها.
وإذا كانت خصائصها الشكلية تثير الرهبة، فإن طعمها وحرارتها يضاعفان المعاناة. إن طعم شجرة الزقوم مُرٌ للغاية، مما يدفع الناس لرفض تناوله، كما أن ملمسها الخشن والنتن يجعلها تعلق في الحلق، مما يسبب المعاناة الكبيرة لمن يتناولها قبل أن تصل إلى جوفه.
أما بالنسبة لحرارة شجرة الزقوم، فيقول -سبحانه وتعالى-: (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ* طَعَامُ الْأَثِيمِ* كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ* كَغَلْيِ الْحَمِيمِ). يقصد بالمهل هنا نحاس ذاب بسبب درجة حرارة تتجاوز الـ1250 درجة مئوية، حيث إن ثمار هذه الشجرة تغلي في بطون آكليها، مما يجعلهم يعانون ويفقدون السيطرة على أنفسهم.
فيما يخص الأفراد الذين سيأكلون من شجرة الزقوم، فإنهم موصوفون في القرآن الكريم، حيث قال -تعالى-: (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ* طَعَامُ الْأَثِيمِ). والأثيم هو الشخص الذي يرتكب الآثام بكثرة، مما يجعله فاسقًا وعاصيًا لله -تعالى-، وقد استحق هذا العذاب من الله بناءً على أفعاله السيئة.
كما ذكر -سبحانه وتعالى-: (ثمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ* لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ). ويشير هذا إلى أن الذين يأكلون من شجرة الزقوم هم المنحرفون عن الهدى، والمكذبون بيوم الحساب المذكورين في سورة الواقعة.
أحدث التعليقات