هاجر النبي لوط -عليه السّلام- مع النبى إبراهيم -عليه السّلام- إلى بلاد الشام، حيث أقام إبراهيم في فلسطين بينما استقر لوط في الأردن. أرسله الله إلى أهل سدوم الذين كانوا يسكنون مجموعة من القرى مثل سدوم، وعامورا، وصبرانة، وصفراء، ودوما، وصابورا، وداذوما، وصبواس، وصبعة، وصعرة. كانت تلك المنطقة محصورة بين الشام والحجاز قرب زُغر، وقد عاش لوط فيها لمدة تتجاوز العشرين عاماً. كان أهلها معروفين بالكفر والفواحش، فأرسل الله لوطاً ليهديهم إلى عبادة الله وترك ما هم فيه من الفواحش.
لوط هو ابن هاران بن آزر و ابن أخ إبراهيم -عليه السّلام-، وقد آمن بدعوة عمّه إبراهيم وهاجر معه إلى مصر ثم عادوا إلى الشام. أرسل الله لوطاً إلى أهل سدوم الذين اتسموا بالكفر والفحش، فتوجه إليهم قائلاً: (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ* أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ). وكانوا يمارسون اللواط، كما كانوا يقطعون طرق المارة للقيام بفواحشهم.
أمرهم لوط -عليه السلام- بالمعروف ونهاهم عن المنكر، محذراً إياهم من الفواحش التي لم يسبقهم بها أي أحد، مثل إتيان الذكور بدلاً من الإناث، وهذه الأمور تتعارض مع الفطرة التي خلق الله بني آدم عليها. وقد قيل إنهم كانوا يقيمون تلك الأفعال بشكلٍ علني في مجالسهم، وعندما جاءهم لوط محذراً من مغبة أفعالهم، لم يكن منهم إلا تكذيبه ورفض دعوته وتهديده بالطرد.
قال الله -تعالى-: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ* إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ). لقد كذب قوم لوط رسوله، مما جعلهم يستحقون العقاب الشديد من الله -تعالى-. عندما يئس لوط من استجابتهم له، دعا الله أن ينصره عليهم، فأرسل الله الملائكة إلى تلك القرى التي كانت تضم حوالي أربعمئة ألف نسمة.
كان إبراهيم -عليه السّلام- على دراية بما يجري، فسأل جبريل إذا كان هناك خمسون مسلما منهم، فأجابه أنه إن وُجدوا فلن يُعذّبوا. تكررت الأسئلة حتى سأل عن عشرة، فأجابه جبريل بالرفض. ثم أخبر إبراهيم أن من ضمنهم لوطاً، فقال جبريل: نحن أعلم بمن فيها. وعندما وصلت الملائكة إلى قوم لوط، حاولوا التصرف كما أرادوا لكن جبريل أعمى بصائرهم بجناحه.
أمرت الملائكة لوطاً وأسرته بالخروج ليلاً دون أن يشعر بهم أي أحد، وعندما أشرقت الشمس، أُذن للملائكة بإهلاك القوم، فهدمت سدوم وأهلكت من فيها. وكانت زوجة لوط ممن كذب بدعوته، فعندما شاخت بمصير قومها، صاحت: “وا قوماه!”، فأصابها حجر فهلكت، بينما أُمطر من كان خارج القرى بالحجارة، حتى أُهلكوا جميعا.
خلاصة المقال: عاش قوم لوط في القرى المحيطة بسدوم بين الشام والحجاز. أرسل الله لوطاً -عليه السّلام- لدعوتهم لتوحيد الله وترك الفواحش التي لم يمارسها أحد من قبلهم، لكن تكذيبهم له وتهديدهم له بالطرد استحقا عقاب الله الذي حلت بهم الهلاك نتيجة لكفرهم وعصيانهم.
أحدث التعليقات