توفي والد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، عبد الله بن عبد المطلب، وغالباً ما يُعتقد أنه دُفن في دار النابغة بمدينة يثرب. كان عبد الله عائداً من رحلة تجارية إلى الشام عندما أصيب بمرض، وعندما بدأ العودة، طلب النزول عند دار أخواله من بني النجار طلباً للعلاج. وقد أمضى هناك شهراً دون أن يتحسن حاله. وعندما سمع عبد المطلب بمرض ابنه، أرسل أكبر أولاده، الحارث، للاستعلام عن حاله. فحين وصل إلى المدينة، اكتشف وفاة عبد الله ودفنه في دار النابغة، وهو أحد رجال بني عدي بن النجار. أخبره أخواله بأنهم اعتنوا به حتى وفاته. عند عودته، أحضر الحارث الخبر المؤلم لعائلته، التي عانت من حزن شديد. توفي عبد الله عن عمر يناهز خمسة وعشرين عامًا، وترك وراءه أم أيمن، وعدد من الأغنام، وخمسة جمال، وقد ورث النبي -عليه الصلاة والسلام- هذه الممتلكات.
عبد الله بن عبد المطلب هو والد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان كل من والديه ينتمون إلى قبيلة قريش. والده هو عبد المطلب بن هاشم، وأمه هي فاطمة بنت عمرو بن عائذ المخزومية. كان عبد المطلب قد نذر ذبح أحد أبنائه إذا أنجب عشرة أبناء، ولهذا قرع بينهم، وكانت النتيجة الأولى على عبد الله. ثم أجري قرعة بينه وبين مئة من الإبل؛ لأن عبد المطلب كان يحبه كثيراً. وعندما خشي أن تنتهي القرعة بوفاة ابنه، أوضح لشيوخ قريش حالته، فنصحه أحدهم بالذهاب إلى عرافة في الحجاز. بعد استشارته، أمرته بأن يقرع بين عبد الله وعشرة من الإبل. استمروا في إجراء القرعة حتى بلغت الإبل تسعين، وفي النهاية، كانت القرعة لصالح الإبل، مما أدى إلى افتداء عبد الله بمئة جمل. عند بلوغ عبد الله الخامسة والعشرين، زوجه والده من واحدة من أفضل بنات قريش، وهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف.
توفيت أم النبي -صلى الله عليه وسلم- آمنة بنت وهب أثناء عودتها من زيارة لأخوالها من بني النجار مع أم أيمن التي كانت ترعاه، وذلك في منطقة تسمى الأبواء. وقد تولى الله محمداً -عليه الصلاة والسلام- منذ وفاة والده ووالدته حتى وفاته، حيث رعاه وأعطاه الحماية والتوجيه، وأعده ليكون رسول الله للعالمين. إن نشأة النبي يتيماً تحمل حكماً عديدة؛ من بينها أن يكون الفضل في جميع جوانب حياته عائداً إلى الله وحده، حيث قال -تعالى-: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى* وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى* وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى). كما أن نشأته يتيمًا زادت من قوته وعزيمته، وعلمته الزهد والابتعاد عن الترف، ومهدت له الطريق لتحمل المسؤوليات العظيمة في الكبر، وهو الدعوة إلى الله -عز وجل- ونشر رسالة الإسلام بين الناس. كما أن ذلك يجعله قدوة حسنة للجميع في مختلف الظروف، سواء للكبار أو الصغار، للأبناء واليتامى.
أحدث التعليقات