تعكس عبارة “بر الأمهات هو مفتاح الجنة” أهمية احترام الأمهات ورعايتهن كوسيلة لدخول الجنة. يجدر بالذكر أن هذه العبارة لم تثبت بشكل قاطع عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، حيث يعتبر معظم العلماء أنها ذات سند ضعيف. ومع ذلك، تروي بعض الأحاديث الصحيحة قصة شخص جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يرغب في الجهاد، فسأله النبي إن كان لديه أم، وعندما أجاب بالإيجاب قال له: “فَالزَمْهَا، فإن الجنة عند رجلها”. يتضح أن المقصود هنا هو أن بر الأم يأتي كواجب مقدّم على بر الآخرين، نظرًا لما تحملته الأم من معيقات وآلام خلال فترة الحمل والولادة والرضاعة، بالإضافة إلى سعيها الدائم لإسعاد أبنائها.
وقال ابن طاهر إن الحديث يتضمن رجالاً ضعفاء في السند، مما يجعله غير موثوق. ومع هذا، يُنظر إلى معناه على أنه تأكيدًا على أن دخول الجنة يتطلب رضى الأم، مما يجعلها نقطة محورية للوصول إليها. كما ذكر السندي -رحمه الله- بأن أي شيء يصبح تحت أقدام أحدهم يصبح في متناول يده ولا يمكن الوصول إليه من جانبه الآخر.
أعطى الله -تعالى- للأمهات مكانة عالية في القرآن الكريم، حيث تم ذكرها بوضوح في العديد من الآيات التي تشير إلى حقوقها وواجب برها، وذلك تقديرًا لما عانته من مشقات الحمل وتربية الأطفال. يقول الله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا، حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا). ومن خلال هذه الآية، يأمر الله ببر الوالدين، ويختص الأم لما عانته من آلام جسدية ونفسية مثل الغثيان وآلام الوضع.
وقد أشار النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث آخر إلى أهمية الأم، حيث جاءه رجل يسأله: “من أحق الناس بحسن صحابتي؟” فقال له النبي: “أمك”. وعندما سأله مرة أخرى، أجاب: “ثم أمك” ثلاث مرات قبل أن يقول “ثم أبوك”.
إلى جانب الآلام الجسدية، تعاني الأم من ضغوط نفسية خلال فترة التربية، مما يزيد من واجب البر تجاهها. وقد أوضح ابن البطال أن بر الأم يُعادل ثلاث مرات البر الموجه للأب، نظرًا لما تعانيه من مشاق الحمل والولادة. وعلاوة على ذلك، فقد قرن الله -تعالى- بين حقه وحق الوالدين في كثير من الآيات، تعزيزًا لمكانتهما. قال الله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).
يتضمن بر الوالدين العديد من الفضائل المستمدة من الكتاب والسنة، ومن هذه الفضائل:
أحدث التعليقات