يرجع الفضل في تأسيس المذهب الحنبلي إلى الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، الذي وُلِد في بغداد. وقد بدأت ملامح هذا المذهب في بغداد وانتشرت في العديد من مناطق بلاد الشام. أشار ابن فرحون في كتابه “الديباج المُذهب” إلى أن المذهب الحنبلي واجه تراجعًا في القرن الثامن الهجري.
تأخرت الشهرة الفعلية للمذهب الحنبلي في مصر إلى القرن السابع، حيث كان الإمام أحمد بن حنبل معروفًا في العراق خلال القرن الثالث، ولم يخرج مذهبه إلى خارج العراق إلا في القرن الرابع.
خلال تلك الفترة، كان العبيديون يُمثلون الحكم في مصر، وقد قاموا بملاحقة أتباع الأئمة الثلاثة، مما أدى إلى ظهور مذهب الرافضة. واستمرت تلك الحالة حتى أواخر القرن السادس الهجري.
أُدخل المذهب الحنبلي إلى مصر على يد الحافظ عبد الغني المقدسي، وازداد انتشاره خلال فترة القاضي عبد الله بن محمد بن عبد الملك الحجاوي.
المؤسس هو أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني، وُلِد في ربيع الأول سنة 164 هجرية، وهو ينتمي إلى أصول عربية من قبيلة شيبان، التي تُعتبر من قبائل ربيعة العدنانية.
كانت قبيلته مشهورة بالصبر والعزة، واستقرت في البصرة وضواحيها حيث نشأ فيها. ثم انتقل جده إلى خراسان وتولى رئاسة سرخس خلال فترة الخلافة الأموية، وبعدها انضم إلى الحكم العباسي، مما دفعه للانتقال إلى بغداد، حيث وُلد الإمام أحمد. وتوفي والده وهو في سن مبكرة، فتولى تربيته والدته، وسعت منذ نعومة أظفاره إلى توجيهه لخدمة الدين.
حفظ القرآن الكريم، وتعلم علوم اللغة العربية، وسرعان ما تميز في محيطه وعُرف بتقواه واستقامته. انتقل إلى رحمة الله في شهر ربيع الأول سنة 241 هجرية.
أرشد الإمام أحمد في مذهبه إلى العديد من القواعد والأصول، التي تتضمن ما يلي:
شهد المذهب الحنبلي فترة من التأخر في ظهورها مقارنة ببقية المذاهب، ومع ذلك، فقد تطور وازدهر مع تراجع بعض المذاهب الأخرى، حيث بدأ بالتعرف عليه من خلال المصنفات التي وضعها العلماء بعد القرن الرابع.
من العوامل التي ساهمت في تأخير ظهوره هو تأخره الزمني عن المذاهب الأخرى، بالإضافة إلى استقرار الناس على مذاهب معروفة. بدأ المذهب بالاستقرار في دار السلام، موطن الإمام أحمد، كما انتشر في بعض الأقطار الإسلامية مثل حران والشام ومصر والجزيرة العربية.
بدأ المذهب في الازدهار، وشرع علماؤه في وضع القواعد العامة للمسائل المنقولة عن الإمام وأصحابه مع الإشارة إلى الروايات المتعلقة به. كما قام المجتهدون بتخريج الفروع على الأصول مع الترجيح بين الروايات.
استمر هذا النشاط حتى أواخر القرن التاسع عندما وضع المرداوي قواعد خاصة للمسائل الفقهية، ونظم الفروع، ثم عمل علماء المذهب على ضبط المتشابهات وتحديد الفروق بينها، وظل المذهب يتطور حتى استقر بعد القرن التاسع من الناحية المنهجية.
يوجد عدد من العلماء البارزين في المذهب الحنبلي، ومن بينهم:
يحمل المذهب الحنبلي العديد من السمات الفريدة، ومنها:
تتعدد الكتب الفقهية المعتمدة في المذهب الحنبلي، ومن أبرزها:
يُعتبر المذهب الحنبلي من الأقل انتشارًا بين المذاهب الإسلامية على الرغم من كثرة الأتباع والتلامذة. وعزا ابن خلدون ذلك إلى أن المذهب قليل الاجتهاد ويركز على الرواية والحديث، وينتشر بشكل أكبر في البلدان التي تعتمد على الرواية مثل الشام والعراق.
بينما أشار الشيخ أبو زهرة إلى أن أحد أسباب ذلك هو عدم ميل أتباع المذهب نحو الولاية أو القضاء. مع ذلك، انتشر المذهب في السعودية حيث اُعتمد في قانون الأحوال الشخصية والمعاملات المالية والقصاص والحدود، مما أضفى عليه بعض القوة والانتشار.
أحدث التعليقات