أمر الله -سبحانه وتعالى- عباده بالتعاون على البر والخير، وخاصة في شهر رمضان المبارك. ومن أبرز مظاهر هذا التعاون هو المبادرة لتفطير الصائمين كوسيلة لطلب رضى الله -عز وجل-، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “من فطَّر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا”. كما أن تفطير الصائم يعدّ من الكرم والجود الذي يُظهره المسلم في رمضان، اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث يُروى عنه أنه “كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل”. لذا، يُستحب أن يُكرم المرء ممّا وهبه الله عليه، ويجدر بالذكر أن من الفضائل التي أُحبّ أن يتنافس فيها السلف هو تفطير الصائمين، كما فعل ابن عمر -رضي الله عنهما- الذي كان يقوم بتقديم الطعام للسائلين أثناء إفطاره مع أهله، مما يُظهر قوة الترابط والمحبة بين أفراد المجتمع، بالإضافة إلى الأجر العظيم الذي يناله من ذلك.
اتفقت آراء العلماء على استحباب تفطير الصائم، وذلك بتوفير الطعام والشراب له ليعيد شحن طاقته، طلبًا للأجر والثواب من الله -سبحانه وتعالى- واتباعًا لسنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. لكنهم اختلفوا حول المقدار اللازم لتفطير الصائم، حيث هناك رأيان رئيسيان:
رأى العلماء أن الإفطار في رمضان بلا عذر يُعتبر كبيرة من الكبائر. فالشخص الذي يفطر وهو قادر على الصيام يرتكب ذنبًا عظيمًا وينتهك أمر الله -عز وجل-. أما من لديه عذر شرعي، مثل المرض، فإنه يُستثنى من هذا الحكم. ولأن الإفطار بلا عذر مُحرم، فإن تقديم المساعدة لشخص في هذه الحالة يُعتبر حرامًا ويُسجل كإثم، كما جاء في قوله سبحانه: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ”. لذا، يتوجب الانتباه حيث أن المعاونة على الإفطار بلا عذر تندرج تحت المعاونة على الإثم، ولكن من يُساعد في ذلك لا يُعتبر مُفطرًا، إذ إن المعاونة على الإثم لا تبطل الصوم.
لقد نصت الحكمة الإلهية على رفع الحُكم التكليفيّ عن الأشخاص الذين فقدوا عقلهم. لذلك، فإن فاقد العقل لا يُحاسب على ما فُرض على العقلاء، فلا يُحاسب المجنون أو الطفل أو غيرهم من الذين فقدوا عقولهم على صيام رمضان، وبالتالي يُسمح لهم بالإفطار. كما يُستحسن لغيرهم من المُكلَّفين تقديم ما يحتاجونه من طعام وشراب ليكون إفطارهم، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “رُفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم”.
أمر الله -عز وجل- المسلمين بالسعي في كسب رزقهم من طرق مشروعة، وحرم عليهم كسب المال من طرق محرمة مثل الربا أو الاستيلاء على أموال الآخرين بغير حق. وعندما يدعو شخص معروف بأنه يجني أمواله بطرق غير مشروعة إلى الإفطار، يُجوز قبول تلك الدعوة، حيث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قبِل دعوة اليهود إلى الطعام على الرغم من علمه بخصوصهم بإفطارهم للربا. والكسب غير المشروع يُعاقب عليه الشخص نفسه، وليس غيره. ومع ذلك، فإذا كان عدم قبول الدعوة يُعتبر وسيلة لردعه عن الكسب الحرام، فإن عدم قبول الدعوة يكون أفضل.
للمزيد من المعلومات حول كيفية الحصول على الثواب في رمضان، يُمكن الاطلاع على المقالة: طرق عمل الخير في رمضان.
أحدث التعليقات