وُلِد أبو سعيد عبد الملك بن قُريب، المعروف بلقب الأصمعي، في عام 740 ميلادياً بمدينة البصرة في العراق، وتوفي فيها عام 828 ميلادياً. يُعَد الأصمعي واحداً من أبرز العلماء والباحثين، حيث يُصنّف ضمن الأسماء الثلاثة البارزة في مدرسة اللغة العربية في البصرة. وقد كان طالباً موهوباً تحت إشراف أبي عمرو بن العلاء، مؤسس مدرسة البصرة، حيث اكتسب منه الكثير من المعرفة. تميز الأصمعي بتقواه وبساطته، وعَمِل معلماً لأبناء الخليفة هارون الرشيد، الأمين والمأمون. يعود إليه الفضل في توثيق معظم الدواوين والمجموعات الشعرية التي ظهرت قبل الإسلام، حيث قام بتمكين طلابه من الكتابة وفق الأسس التي وضعها.
يُعَد الأصمعي رائداً في تأليف الكتب المهمة في مجالات متعددة مثل علم التشريح، وعلم النباتات، وتربية الحيوان. أنشأ العديد من المؤلفات، من أبرزها كتاب “الإنسان” المتخصص في دراسة التشريح البشري. نالت أعماله شهرة واسعة خلال الحقبة العباسية التي امتدت بين (750-1258 ميلادياً)، وكانت تعتبر مرجعاً هاماً للعديد من العلماء العرب في القرنين التاسع والعاشر الميلادي. ترك الأصمعي إرثاً غنياً من المؤلفات التي يتجاوز عددها الثلاثين، ومن أبرزها: “خلق الإنسان”، “الأنواء”، “الأجناس”، “الشاء”، “الخيل”، “الوحوش”، “اللغات”، “اشتقاق الأسماء”، “الأضداد”، و”فحولة الشعراء”، وغيرها.
كان يُعرف عن الشاعر الأصمعي صدقه وحبه العميق للغة العربية، وقد أشاد الإمام الشافعي به قائلاً: “ما عبر أحد عن العرب بأحسن من عبارة الأصمعي”. كما نال اعتراف عدوه إسحاق الموصلي، الذي وصفه قائلاً: “لم أرَ الأصمعي يدّعي شيئاً من العلم فيكون أحدٌ أعلم به منه. كان الأصمعي بحراً في اللغة، ولا يُعرف له مثيل في كثرة الرواية”. وعلى الرغم من معرفته العميقة، كان الأصمعي يتجنب تفسير الأحاديث والقرآن الكريم تجنباً للخطأ، وهو ما أكّد عليه أبو داود.
أحدث التعليقات