في يوم القيامة، يقبض الله -عز وجل- الأرض بيده ويطوي السماء بيمينه، كأنه لم يكن هناك شيء، ويحدث ذلك بعد أن يفني الله خلقه. وقد قال -تعالى-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}. كما ذكر الله -عز وجل- كيفية طيّ السماوات بقوله: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}. ومن السنّة النبوية، جاء في حديث متفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يَقْبِضُ اللَّهُ الأرْضَ، ويَطْوِي السَّمَواتِ بِيمِينِهِ، ثُمَّ يقولُ: أنا المَلِكُ، أيْنَ مُلُوكُ الأرْضِ).
ستُدكُّ الجبال الراسخة بنقرة واحدة، لتحول إلى رمال ناعمة بعد أن كانت قوية وصلبة. قال -تعالى-: {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً}، وأيضاً قال: {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلًا}. وفي آية أخرى، وصف حالة الجبال يوم القيامة بقوله: {وَيَسأَلونَكَ عَنِ الجِبَالِ فَقُل يَنسِفُها رَبّي نَسفًا}.
تشهد البحار تغيرات شديدة نتيجة أوامر الله -تعالى-، إذ تتفجر وتتحول إلى نار، مما يجعل الأرض جافة وفاقدة للماء. وقد قال -تعالى-: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}، وفي آية أخرى قال: {وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ}. كما ذكر القرطبي في تفسيره أن “فُجّرَ بعضها في بعض، فصار بحرًا واحدًا، إذ كانت راكدةً مجتمعةً، فإذا فُجرت تفرقت وذهب ماؤها”.
تتغير ملامح السماء يوم القيامة، إذ تتصدع وتنشق وتتفكك أركانها، مما يؤدي إلى انهيارها. قال -تعالى-: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا}، وعندما تنشق السماء، يتغير لونها وشكلها كما في قوله: {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ}، بحيث يصبح لونها أحمر كالورد وتبدو كزيت مغلي. وقد وصف -تعالى- ضعفها بقوله: {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ}، وستكون فيها أبواب تُنزل منها الملائكة إلى أرض المحشر في نهاية المطاف، لتطوى وتستبدل بسماء جديدة كما ورد: {يَومَ تُبَدَّلُ الأَرضُ غَيرَ الأَرضِ وَالسَّماواتُ}.
وكما أخبر الله -تعالى-، فإن الشمس تُجمع وتُكوّر، ويُحجب ضوءها، فيصبح النهار مظلماً. قال -تعالى-: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، أما القمر، فسيتعرض للخسوف، حيث يُفقد ضوءه كما في قوله: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ* وَخَسَفَ الْقَمَرُ}. وأما النجوم، فستسقط وتتغير حالتها، حيث تتناثر كما ذكر الله -عز وجل- في قوله: {وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ}.
أحدث التعليقات