يُعتبر البحر الميت أعمق نقطة على وجه الأرض، حيث ينخفض نحو 400 متر تحت مستوى سطح البحر، ويشهد انخفاضًا سنويًا يقدر بحوالي 33 سم. يُطلق عليه هذا الاسم بسبب عدم وجود حياة فيه نتيجة لارتفاع ملوحته، إذ يُعتقد أن ملوحة مياهه تزيد بما يقارب ستة أضعاف ملوحة المحيطات، مما يجعلها غير صالحة لعيش أي كائن حي.
العوامل وراء ملوحة البحر الميت تتعلق بكونه بحرًا مغلقًا وغير متصل بأي بحار أخرى، حيث يتلقى مياهًا من نهر الأردن فقط. يقع البحر الميت داخل حفرة محاطة بالجبال، ويعد صغير الحجم بالمقارنة مع البحار الأخرى. كما أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة معدل تبخر المياه، مما يترك وراءه كميات كبيرة من الأملاح المعدنية التي تتراكم بمرور الوقت وتمنح المياه كثافة عالية جدًا. المصدر الرئيسي لهذه الأملاح هو المعادن التي تصل عبر المجاري المائية المجاورة.
نظرًا للكثافة العالية لمياهه، يصبح السباحة أو الغطس فيه أمرًا صعبًا، إذ تظل الأجساد طافية على السطح. إضافةً إلى ذلك، تُسبب ملوحته بعض الأضرار للعينين والجلد. ومع ذلك، فإن للأملاح فيه فوائد اقتصادية كبيرة، حيث تحتوي على كميات وفيرة من البوتاس والمعادن الأخرى المستخدمة في العديد من الصناعات الكيميائية. يمكن القول إن مياه البحر الميت تتقلص بسبب استهلاك المزارعين لموارد المياه من الأنهار قبل وصولها إليه، مما يسهم في تقليص منسوب المياه بمرور الزمن.
يقع البحر الميت على بُعد حوالي 84 كم شرق البحر الأبيض المتوسط، ويبلغ طوله 79 كم، بينما يتراوح عرضه بين 5 إلى 16 كم. يحده من الشرق المملكة الأردنية الهاشمية، ومن الشمال والغرب فلسطين. يُعتبر البحر الميت أبعد نقطة على سطح الأرض، حيث يمتد في منطقة وادي الأردن. ترتفع الأراضي غرب وادي الأردن لتكون سلسلة جبال هامة، مثل مرتفعات القدس، بينما تقع مرتفعات البلقاء وهضاب السلط في الجهة الشرقية. يلعب نهر الأردن دورًا محوريًا في إمداد البحر الميت بالمياه، حيث يتدفق من الشمال إلى الجنوب.
يمكن اعتبار البحر الميت جزءًا من أخفض حوض على وجه الأرض، إذ يقع في غور الانهدام السوري الأفريقي الذي يمتد لأكثر من 6,000 كم ، من مرعش في شمال تركيا إلى نهر الزامبي في جنوب أفريقيا. يمتد غور الانهدام على المناطق الساحلية في بلاد الشام لنحو 40 إلى 90 كم، تغطي فلسطين، وسوريا، ولبنان. يتواجد البحر الميت ضمن نطاق المناخ شبه الصحراوي إلى المناخ الصحراوي. يُعد البحر الميت فاصلًا مائيًا بين فلسطين من الغرب والأردن من الشرق، حيث يمتد شمالًا وجنوبًا لمسافة 78 كم مع عرض متوسط يبلغ حوالي 14 كم.
تكتنف البحر الميت سلسلتان جبليتان، هما: جبال القدس والخليل من الجهة الغربية وجبال البلقاء والكرك والطفيلة من الجهة الشرقية. تتحكم هذه الجبال في ملامح الشاطئ، حيث تتسم انحداراتها الشديدة. عند تقارب البحر الميت من شماله وجنوبه، تظهر سهول صغيرة، بينما يظهر جبل أسدوم في الجنوب. أما من الجانب الشرقي، فتقل انحدارات الجبال وتكون أقل عددًا، ليشمل البحر النهاية في أراضي غور الأردن شمالًا ومنطقة أريحا، بينما ينتهي من الجنوب بمنطقة منبسطة تصل إلى 20 كم تقريبًا.
تمثل مناطق البحر الميت بيئة صعبة للعيش؛ إذ ترتفع درجات الحرارة فيها وتقل الأمطار، كما أن المساحات الصالحة للزراعة ضئيلة ومحصورة في مواقع معينة. بالإضافة إلى ذلك، تعيق التضاريس الجبلية طرق المواصلات، مما ساهم في تقليل السكان في هذه المنطقة. كان الأنباط هم أول من سكن هذه المنطقة، وأسسوا عاصمتهم في البتراء، بينما كانت القبائل الفلسطينية تسكن المرتفعات الغربية.
لم تبدأ الأنشطة الاقتصادية في استغلال ثروات البحر الميت إلا في الربع الأول من القرن العشرين، بعد تطور الدراسات العلمية المتعلقة به. وازدادت الحاجة للأملاح في مختلف الصناعات الكيميائية. يُقدّر أن كميات الملح في البحر الميت تصل لنحو 45 مليون طن، مُوزعة بين عدة معادن منها كلوريد الصوديوم، وكلوريد البوتاسيوم، وكلوريد المغنيسيوم، وغير ذلك. في عام 1976، أُسست شركة البوتاس العربية لاستخراج البوتاس من جنوب شرق البحر الميت، وبدأت الإنتاج في عام 1981.
لقد كانت للبحر الميت فوائد صحية معترف بها منذ حوالي ألفي عام. إذ يتمتع بمكونات طبيعية فريدة من نوعها، بالإضافة لعناصر المناخ الضرورية مثل الشمس والماء والطين. تجمع هذه العناصر لتُشكل أنماط علاج طبيعي فعالة لمجموعة من الأمراض المزمنة، خاصة الأمراض الجلدية مثل الصدفية والبهاق والتهاب الجلد الاستشرائي، إلى جانب مشكلات الربو وأمراض الدورة الدموية وارتفاع ضغط الدم وبعض المشاكل العينية.
تقوم معامل البحر الميت بإنتاج مجموعة واسعة من المنتجات ذات الجودة العالية المستخلصة من مكوناته الطبيعية، بما في ذلك الأقنعة الطينية، وأملاح الاستحمام، وأنواع متعددة من الشامبو، والكريمات المرطبة والمغذية للبشرة. كما تُنتج مستحضرات لإزالة مستحضرات التجميل وكريمات الوقاية من الشمس، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من الصابون. تُباع هذه المنتجات في الأسواق الأردنية ومتاحة للشراء عبر الإنترنت في كافة أنحاء العالم، مما يجعل البحر الميت وجهة مفضلة للزوار من جميع أنحاء العالم الراغبين في العلاج والاسترخاء والاستفادة من فوائد هذا المكان الفريد.
أحدث التعليقات