ما هو الفرق بين التحقيق وعمليات الاستجواب؟

يتطلب فهم مفهوم التحقيق والاستجواب في إطار القانون دراسات وبحوث متعددة، لذا سنستعرض الفرق بين التحقيق والاستجواب. يُعتبر قانون الإجراءات الجزائية أحد فروع القانون العام، وتتميز القواعد المتعلقة به بالثبات، حيث لا يُسمح بالتنازل عنها أو الاتفاق على مخالفتها، وإلا تُعتبر هذه الاتفاقات باطلة. من خلال هذا الموقع، سنستعرض تعريف كلٍ من التحقيق والاستجواب والفرق بينهما.

تعريف التحقيق بشكل عام

التحقيق يُعتبر المرحلة الشاملة لكل الإجراءات التي تقوم بها الهيئة أو الجهة المخصصة للكشف عن حقيقة الجريمة أو العمل المخالف الذي حدث، وذلك لإثبات التهمة أو نفيها عن المتهم بناءً على الشكوى أو البلاغ المقدّم.

التحقيق القانوني (الجنائي)

يمثل التحقيق المرحلة الثانية ضمن سلسلة الإجراءات التي تنفذها الجهات المختصة بالتحقيق مثل الشرطة، التي يُعرفها البعض بعملها في إلقاء القبض على المتهم أو مرتكب الجريمة.

تتولى النيابة العامة بعد ذلك الدور الأهم في التحقيق، حيث تقوم بفرز الأدلة وتوضيح الحقيقة لإصدار الأحكام اللاحقة.

يمكن تعريف التحقيق القانوني بأنه مجموعة من الإجراءات القانونية التي يتخذها المحقق (المكلف بالتحقيق) لكشف غموض الواقعة أو الجريمة، من حيث مرتكب الجريمة، والأسباب التي أدت إلى ارتكابها، وطريقة حدوثها، بالإضافة إلى زمان ومكان وقوعها.

يُطلق على التحقيق الذي يقوم به النائب العام اسم “التحقيق الابتدائي”، حيث يقوم بفحص الأدلة المتواجدة في موقع الجريمة أو الوقت التي وقعت فيه الحادثة. تتضمن هذه المرحلة عدة خطوات أساسية:

  1. التفتيش وزيارة موقع الحادث.
  2. استعانة بالخبراء المختصين.
  3. استماع لشهادات شهود العيان.
  4. استجواب مرتكب الجرائم (المتهمين).
  5. الاحتجاز والقبض عليهم.

عند اكتمال الأدلة وكفايتها، تقوم النيابة بإحالة المتهم إلى المحكمة أو تأمر بإقامة الدعوى.

مفهوم الاستجواب

أما الاستجواب فهو عملية مناقشة ومواجهة المتهم أو مرتكب الجريمة بشأن تفاصيل الأدلة المقدمة ضده، حيث يُطلب منه الرد على الاتهامات لاستخراج الحقيقة. لا يقتصر الاستجواب على الحصول على اعتراف من المتهم، بل يهدف أيضاً إلى منحه فرصة للدفاع عن نفسه.

يحق للمتهم الامتناع عن الإجابة على أي سؤال إلا بحضور محاميه الخاص، ويتعين على المحقق أن يُعلمه بذلك في بداية الاستجواب.

لا يجوز إكراه المتهم على الإجابة، فإن تمت الإجابة تحت الإكراه تُعتبر الإجراءات باطلة ويجب إعادة الاستجواب. كما لا يجوز استخدام أي وسائل تعذيب خلال الاستجواب، فهناك قاعدة قانونية تؤكد أن “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”، حيث إن الحرية تُعد حقاً مصوناً بموجب الدستور.

تتضمن التشريعات الجنائية ضمانات متعددة لحماية المتهم، وتنقسم هذه الضمانات إلى نوعين:

  • الأول: يتعلق بضمانات المتهم خلال الاستجواب، بما في ذلك مدة الاستجواب، وتحديد الجهة المسؤولة عنه، بالإضافة إلى حقه في الاستعانة بمحامٍ خاص.
  • الثاني: يتعلق بضمانات المتهم عند بدء الاستجواب، مثل منح المتهم حرية الكلام للدفاع عن نفسه أو الصمت إذا لم يكن رغباً في الدفاع، وحقه في الاستماع إلى الشهود ومناقشتهم، وحقه في عدم حلف اليمين.

توجد ضمانات أخرى، مثل ضرورة الإسراع في استجواب المتهم، حيث أن التأخير في الاستجواب قد يؤدي إلى إخفاء أو طمس بعض الأدلة.

عند النقاش حول هذا الموضوع، قد يتساءل البعض عن الفروق بين التحقيق والاستجواب، إلا أن الاختلافات واضحة: الاستجواب يُعتبر جزءاً من التحقيق. أي أن التحقيق يمتد ليشمل الضابطة القضائية والنائب العام، بينما يُنحصر الحق في الاستجواب بالنائب العام فقط، ولا يمكن لأي جهة أخرى القيام بعملية الاستجواب.

Published
Categorized as معلومات عامة