يُعتبر وادي الملوك من الوجهات السياحية البارزة التي يزورها الزوار عند توجههم إلى مصر، وذلك بهدف استكشاف جزء حيوي من التاريخ المصري القديم المتعلق بالملوك. قد يتساءل الكثيرون عن السبب وراء اختيار الفراعنة لوادي الملوك كمكان لدفنهم. في هذا المقال، سنقدم شرحًا وافيًا لهذا التساؤل.
لماذا اختار الفراعنة وادي الملوك كمكان لدفنهم؟
يتجلى السبب في اختيار الفراعنة لوادي الملوك في القصة التالية: فقد أراد الملك تحتمس الأول تحديد موقعٍ مناسب لقبره، ووقع اختياره على مكانٍ بعيد عند صخور طيبة، والذي يمتاز بصعوبته في اكتشافه، مما جعل سرقة القبور أمرًا معقدًا للغاية.
تناقش الملك تحتمس الأول مع المهندس أنيني حول هذا الموضوع، وقدم المهندس اقتراحًا بشأن اختيار هذا الموقع، وهو ما يتضح من النصوص المدونة في مقبرة الملك تحتمس. إذ قال المهندس: (أنا من قمت بمفردي باختيار المقبرة الصخرية لجلالة الملك تحتمس الأول، دون أن يراني أحد أو يسمعني).
منذ تلك اللحظة، بدأ دفن الملوك في هذا الموقع الذي يتمتع بالسرية والخصوصية، بعيدًا عن أعين لصوص القبور الذين كانوا يتعرضون لسرقة جثث الملوك والأغراض الثمينة المدفونة معها، وتم اكتشاف تلك المقابر لاحقًا عن طريق البعثات الأثرية التي وصلت مع الحملة الفرنسية.
أهم المقابر في وادي الملوك
يحتوي وادي الملوك على العديد من القبور الملكية التي تعود إلى الأسرة الثامنة عشرة حتى الأسرة العشرون، حيث تم دفن الملوك والملكات منذ عام 1539 إلى 1075 قبل الميلاد. فيما يلي أهم المقابر الموجودة في هذا الوادي:
- مقبرة توت عنخ آمون: تُعتبر هذه المقبرة من أشهر المقابر في تاريخ الحضارة المصرية القديمة، حيث تحتوي على كنوز وقطع أثرية قيمة، وقد تم اكتشافها على يد هوارد كارتر عام 1922.
- مقبرة رمسيس السادس: تُعتبر أكبر المقابر في وادي الملوك، ويُقال إنها احتوت على العديد من التوابيت والآثار الثمينة.
- مقبرة حتشبسوت: تعود هذه المقبرة إلى العصور الوسطى ما قبل الميلاد، وتتميز بالنقوش والرموز بالإضافة إلى التوابيت.
- مقبرة رمسيس الرابع: تضم هذه المقبرة الكثير من التوابيت والنقوش المميزة، رغم أن معظمها تم سرقته؛ كما أن مومياء الملك مفقودة، وقد وُضِع قرص الشمس الذهبي الذي يُمثل الإله “رع” على قبره.
مراسم الدفن في الحضارة المصرية القديمة
كانت مراسم الدفن تمثل أهمية بالغة للملوك، حيث كانت واحدة من أكثر العمليات تعقيدًا في ذلك العصر. كان المصريون القدماء يؤمنون بوجود حياة بعد الموت، مما دفعهم للاهتمام بالحفاظ على جسد المتوفى لضمان عودته إلى الحياة الأخرى. تضمنت مراسم الدفن ما يلي:
- تحضير الجثة: كانت تُحضّر الجثة بعناية شديدة، حيث تتم عملية التحنيط، والتي سنتناولها بالتفصيل لاحقًا.
- صناعة التوابيت: كانت تُصنع التوابيت من الأخشاب الفاخرة مثل خشب الزان، وتُزين بألوان زاهية ونقوش تمثل الآلهة ومشاهد من الحياة الأخرى.
- مواكب الجنازة: كانت تضم المواكب عددًا من الحرفيين والموسيقيين والراقصين، واشتهر في ذلك الوقت الرقص الجنائزي الحزين والبكاء على المتوفى.
- الدفن في المقبرة: كان الملك يُدفن في أهراماته الخاصة أو في مقابر وتوابيت مُعدّة له، وكانت تحتوي على كنوز وممتلكات شخصية، على أمل أن يُبعث في الحياة الآخرة مع ما يمتلكه.
- التضحيات والعبادات: كانت تُقدم للآلهة خلال إجراءات الدفن.
- الزيارات: كان يقام زيارة أقرباء المتوفى لقبره لتقديم الزهور، وكذلك لتعزيز العبادة للآلهة من أجل مرافقة روحه.
عملية التحنيط في مصر القديمة
تمت عملية التحنيط كجزء من الاستعدادات لمراسم الدفن على النحو التالي:
- أولاً، تم تنظيف جسم المتوفى بالماء والصابون لإزالة الأوساخ.
- ثم تمت إزالة الأعضاء الداخلية كالمخ والأمعاء لمنع تحلل الجسد أثناء الدفن.
- بعد ذلك، تم تجفيف الجسد بعناية باستخدام الأملاح للتخلص من الرطوبة.
- تُستخدم مزيج من ماء النيل وبعض الصمغ والأملاح في عملية التحنيط للحفاظ على جثته ومنع تحللها بسرعة.
- كان الجسد يخضع لعمليات التجفيف والتخمير لفترات محددة قبل إجراء الدفن.
- تم لف الجسد بأقمشة للحفاظ عليه أثناء عملية الدفن.
- وضع الجسد في توابيت خشبية فاخرة مزينة بنقوش وألوان جميلة.
- كانت تحمل التوابيت في مواكب جنائزية للمباشرة في عملية الدفن.
نختتم مقالنا بعد توضيح الإجابة الوافية حول سبب اختيار الفراعنة لوادي الملوك ليكون مقابر لهم، مُشددين على ما يمتاز به الموقع من سريّة تحمي القبور من السرقات، كما استعرضنا أبرز المقابر هناك وتفاصيل مراسم الدفن وعملية التحنيط بشكل شامل.
أحدث التعليقات