كيفية إخراج الزكاة وتوزيعها بشكل صحيح

إخراج الزكاة وطريقة توزيعها

يتطلب وجوب الزكاة في أموال المسلمين توفر شروط معينة، حيث يجب أن يبلغ المال النصاب المطلوب ويكمل الحول في حالة الأموال التي تُحفظ بهدف النمو والتجارة مثل الذهب والفضة والأغنام، بينما إذا كانت الأموال ذات صفة النمو الذاتي كالمحاصيل الزراعية، فإن الزكاة تجب فيها عند بلوغ النصاب فقط، دون الحاجة لمرور الحول. وبهذا يتضح أن زكاة الأموال تنقسم إلى أربعة أنواع رئيسية، حيث سنوضح كيفية إخراج الزكاة من كل نوع كما يلي:

  • زكاة الأنعام: وتشمل الإبل، البقر، والغنم. تشترط لوجوب الزكاة فيها بلوغ النصاب، مرور الحول، وأن تكون مُسائمة (أي لا تُعلف أغلب السنة). تختلف نصاب الأنعام كما يلي:
    • نصاب الإبل: يبدأ من خمسة إبل، فتجب زكاة واحدة عن هذا العدد. وفي حالة وجود 25 إبل، يجب إخراج بنت مخاض، وبالنسبة لـ 36 من الإبل، يجب إخراج بنت لبون، وفي 46 يجب إخراج حقة، وفي 61 يجب إخراج جذعة، وفي 79 يجب إخراج بنتين لبون، وعند وجود 91 يجب إخراج حققتين. وإذا زاد العدد عن 120، يجب في كل 40 بنت لبون، وفي كل 50 حقة.
    • نصاب البقر: يبدأ من ثلاثين بقرة، فتجب عنها زكاة بتعيين تبيع (بقرة استكملت السنة الأولى). وفي أربعين بقرة، يجب إخراج مسنّة (بـ عمر السنة الثانية)، وعند زيادة العدد، يجب إخراج تبيع لكل ثلاثين، ومسنة لكل أربعين.
    • نصاب الغنم: يبدأ من أربعين غنمة، فتُعطى زكاة واحدة، وإذا زاد العدد عن ذلك يجب إخراج شاة واحدة لكل مئة. من المهم الإشارة إلى أنه لا تجب الزكاة على أولاد الإبل والغنم بشكل فردي بل تُحسب مع أمهاتها عند بلوغ النصاب.
  • زكاة الزروع والثمار: تجب الزكاة في الزروع والثمار عند بلوغ النصاب المقدر بخمسة أوسق، أي ما يعادل 300 صاع وفقاً للمقياس النبوي. يعتمد مقدار الزكاة المُخرج على نظام الري، فإذا كانت تروى بلا تكلفة، فإن الواجب هو العُشر، أما إذا كانت تُروى بتكاليف، فإن الواجب نصف العشر.
  • زكاة النقود وعروض التجارة: تجب الزكاة في النقود كالمعادن الثمينة وعروض التجارة عند بلوغ النصاب وهو 20 مثقالاً من الذهب و140 مثقالاً من الفضة (يعادل 200 درهم)، وتكون نسبة الزكاة الواجب إخراجها في هذا النوع ربع العشر.

أما عن كيفية توزيع الزكاة والفئات المستحقة لها، فقد أوضحها الله -عز وجل- في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفِي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ).

شروط المستحقين وأوصافهم

اختلف الفقهاء حول شروط استحقاق الزكاة، وأجمعوا على وجود خمسة شروط، وهي كالتالي:

  • الإسلام: اتفق الفقهاء على عدم جواز إعطاء الزكاة للكافر، استناداً إلى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل -رضي الله عنه-: (فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ).
  • البلوغ، العقل والحرية: لا تُعطى الزكاة للعبيد أو المجانين أو الأطفال الصغار إلا إذا كانت ستدفع عن طريق وليهم.
  • الفقر: يُعد الفقر شرطاً أساسياً لتوزيع الزكاة، كما أفاد القرآن: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ). وقد أشار الحديث النبوي إلى أنه لا تجوز الصدقة للغني.
    • أولاً: اختلف الفقهاء في مدى الغنى المانع من الصدقة، فذهب الحنفية إلى ملك النصاب من أي مال، بينما رأى المالكية أنه يجب ملك كفاية سنة، والشافعية اعتبروا الكفاية لعمر غالب وهو 62 سنة، كما أن الحنابلة رأوا أنه يجب ملك 50 درهماً من الذهب أو ملك تجارة أو عقار يحقق الكفاية.
    • ثانياً: اختلف الفقهاء في رد الزكاة ممن يظهر عليهم الفقر ثم يتبين غناهم. حيث ذهب الجمهور إلى وجوب الرد، بينما أقر الحنفية بعدم وجوب الرد.
  • لا يُخبر مستحق الزكاة بأن المدفوع له هو زكاة إذا كان ظاهره الفقر والحاجة.
  • يجوز إعطاء الزكاة لأربعة أصناف حتى وإن كانوا أغنياء، وهم: العاملون عليها، المؤلَفَة قلوبهم، الغارمون، والغزاة في سبيل الله، استنادًا لإرشاد الرسول.
  • يمكن دفع الزكاة لدور رعاية الأيتام أو العجزة إذا كانوا فقراء أو مساكين مع ضرورة تمليكهم الزكاة.
  • يجب أن لا يكون المستحق من الذين تجب نفقتهم على المزكي مثل الوالدين الأبناء والزوجة، أما باقي الأقارب فلا بأس في إعطائهم الزكاة.
  • شرط خاص بآل البيت، وهو أن مستحق الزكاة يجب أن لا يكون من آل البيت لأن الزكاة محرمة عليهم طبقًا للحديث.

حكم تأخير صرف الزكاة لمستحقيها

تباينت آراء الفقهاء حول تأخير إخراج الزكاة بعد وجوبها، وكان هناك قولان:

  • الجمهور: عدم جواز تأخير إخراج الزكاة إلا لعذر شرعي، وذلك لوجوبها فورًا عند توافر شرطين: القدرة على إخراج الزكاة وتواجد المستحقين.
    • استندوا إلى قوله عز وجل: (وَآتوا حَقَّهُ يَومَ حَصادِهِ)، كما أن حاجة الفقراء إلى الزكاة تُظهر ضرورتها العاجلة.
    • يجب على المسلم المبادرة في فعل الطاعات وفقاً للعديد من الآيات.
  • الحنفية: قالوا بجواز تأخير إخراج الزكاة بعد وجوبها، حيث إنها تجب على التراخي.
    • استندوا إلى عدم وجوب الإسراع في إخراج الزكاة وعدم التفريط في حال انهدام مال المزكي.

يشير الأمر إلى أن وجوب إخراج الزكاة لا يمنع تأخيرها لفترة قصيرة إن كان ذلك من باب التيسير، ومن المهم ملاحظة الأصناف التي تجب فيها الزكاة، حيث إن بعض الأموال مثل الذهب والفضة تُحصى مرة واحدة في السنة، بينما الزروع والثمار يمكن أن تُزكّى أكثر من مرة.

آداب إخراج الزكاة

هناك مجموعة من الآداب التي ينبغي أن يلتزم بها المسلم عند إخراج الزكاة، ومنها:

  • حرص المزكي على إخراج الزكاة من طيب نفسه ومن أفضل ما لديه.
  • الإسرار عند إخراج الزكاة رغم أنه يمكن إظهارها أحيانًا لتشجيع الآخرين، خاصة في صدقة التطوع.
  • اختيار المستحقين للزكاة بعناية بحيث يُقدّم الدعم لمن يستحقه.
  • ضمان أن ما يُعطى للفقير يكفيه لتلبية احتياجاته اليومية.
  • تجنب الكبرياء أو العجب من مقدار الزكاة المدفوعة.
  • يُفضل أن يقوم المزكي شخصيًا بتوزيع زكاته على المستحقين لضمان وصولها بشكل صحيح.
Published
Categorized as الزكاة والمواريث