تُعَدُّ قصيدة “يا ليتني أصمعي .. سمعت صوت صفير البلبل” واحدة من أبرز القصائد في الأدب العربي، والتي نُسبت بشكل خاطئ إلى الشاعر الأصمعي. ترددت شائعات بأن الأصمعي ألقاها أمام الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، مما جعلها تحتل مكانة رفيعة في الشعر العربي.
دعونا نتعرف بشكل مفصل على كلمات القصيدة الشهيرة “صوت صفير البلبلي”:
صَوْتُ صَفيرِ البُلْبُلِ
هَيَّجَ قَلْبِيَ الثَمِلِ
المَاءُ وَالزَّهْرُ مَعَاً
مَعَ زَهرِ لَحْظِ المُقَلِ
وَأَنْتَ يَاسَيِّدَ لِي
وَسَيِّدِي وَمَوْلَى لِي
فَكَمْ فَكَمْ تَيَّمَنِي
غُزَيِّلٌ عَقَيْقَلي
قَطَّفْتُ مِنْ وَجْنَتِهِ
مِنْ لَثْمِ وَرْدِ الخَجَلِ
فَقَالَ بَسْ بَسْبَسْتَنِي
فَلَمْ يَجُد بالقُبَلِ
فَقَالَ لاَ لاَ لاَ ثم لاَ لاَ لاَ
وَقَدْ غَدَا مُهَرْوِلِ
وَالخُودُ مَالَتْ طَرَبَاً
مِنْ فِعْلِ هَذَا الرَّجُلِ
فَوَلْوَلَتْ وَوَلْوَلَتُ
وَلي وَلي يَاوَيْلَ لِي
فَقُلْتُ لا تُوَلْوِلِي
وَبَيِّنِي اللُؤْلُؤَ لَي
لَمَّا رَأَتْهُ أَشْمَطَا
يُرِيدُ غَيْرَ القُبَلِ
وَبَعْدَهُ لاَيَكْتَفِي
إلاَّ بِطِيْبِ الوَصْلَ لِي
قَالَتْ لَهُ حِيْنَ كَذَا
انْهَضْ وَجِدْ بِالنَّقَلِ
وَفِتْيَةٍ سَقَوْنَنِي
قَهْوَةً كَالعَسَلَ لِي
شَمَمْتُهَا بِأَنْفِي
أَزْكَى مِنَ القَرَنْفُلِ
فِي وَسْطِ بُسْتَانٍ حُلِي
بالزَّهْرِ وَالسُرُورُ لِي
وَالعُودُ دَنْ دَنْدَنَ لِي
وَالطَّبْلُ طَبْ طَبَّلَ لِي
طَب طَبِ طَب طَبِ
طَب طَب طَبَ لي
وَالسَّقْفُ قَدْ سَقْسَقَ لِي
وَالرَّقْصُ قَدْ طَبْطَبَ لِي
شَوَى شَوَى وَشَاهِشُ
عَلَى وَرَقْ سَفَرجَلِ
وَغَرَّدَ القَمْرُ يَصِيحُ
مِنْ مَلَلٍ فِي مَلَلِ
فَلَوْ تَرَانِي رَاكِباً
عَلَى حِمَارٍ أَهْزَلِ
يَمْشِي عَلَى ثَلاثَةٍ
كَمَشْيَةِ العَرَنْجِلِ
وَالنَّاسُ تَرْجِمْ جَمَلِي
فِي السُوقِ بالقُلْقُلَلِ
وَالكُلُّ كَعْكَعْ كَعِكَعْ
خَلْفِي وَمِنْ حُوَيْلَلِي
لكنْ مَشَيتُ هَارِباً
مِنْ خَشْيَةِ العَقَنْقِلِي
إِلَى لِقَاءِ مَلِكٍ
مُعَظَّمٍ مُبَجَّلِ
يَأْمُرُلِي بِخِلْعَةٍ
حَمْرَاءُ كَالدَّمْ دَمَلِي
أَجُرُّ فِيهَا مَاشِياً
مُبَغْدِدَاً للذيَّلِ
أَنَا الأَدِيْبُ الأَلْمَعِي
مِنْ حَيِّ أَرْضِ المُوْصِلِ
نَظَمْتُ قِطَعاً زُخْرِفَتْ
يَعْجَزُ عَنْهَا الأَدْبُ لِي
أَقُولُ فِي مَطْلَعِهَا
صَوْتُ صَفيرِ البُلْبُلِ
في إطار التعرف على كلمات “صوت صفير البلبلي”، يجدر بالذكر أن سرد قصة القصيدة يتم بالأسماء التي يُشَاع استخدامها عن وقوعها، على الرغم من عدم صحتها، حيث تكمن القصة في الأسماء الحقيقية للأشخاص الذين ذُكِروا:
تحدَّى الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور الشعراء في إحضار قصيدة من تأليفهم لم يسمع بها من قبل، حيث اشتهر الخليفة بقدرته على حفظ القصائد من المرة الأولى. كان يُدعي أنه سمعها سابقاً ويستطيع إعادتها بعد انتهاء الشاعر من إلقائها، ويملك غلاماً يتمكن من حفظ القصيدة في مرتين، ويأتي به بعد الشاعر لإعادة إلقائها.
كذلك كان لديه جارية تستطيع حفظ القصيدة من المرة الثالثة، وتجلبها لتُعيد إلقائها بعد الجميع، مما يُظهر الخليفة وكأن القصيدة قد قيلت من قبل، رغم أن الشاعر هو مؤلفها. تكرر هذا الموقف مع العديد من الشعراء، حيث وعد الخليفة بمكافأة للقصيدة التي لن يقدر على سردها.
سمع الأصمعي عن هذا التحدي، فقام بإعداد قصيدة تحمل كلمات جديدة ومعانٍ متنوعة، وارتدى رداء الأعراب ليتنكر، ثم دخل على الخليفة وأخبره بأنه يرغب في إلقاء قصيدة لم يسمع بها من قبل، فاستمع له الخليفة وألقى الأصمعي القصيدة.
تنتشر قصيدة “صوت صفير البلبلي” كواحدة من أشهر القصائد العربية، حيث أثارت جدلاً واسعاً حول حقيقتها ونسبتها إلى الشاعر الأصمعي وما دار حول إلقائها أمام الخليفة العباسي، مما يجعلها محط أنظار كل مهتم بالأدب العربي.
أحدث التعليقات