كلام عن الخشوع في الصلاة يُثري في قلب المسلم حب الصلاة، والحرص على أدائها على أكمل وجه، مع استشعار عظمتها والهدف منها، فيتحقق الخشوع بخضوع القلب وخشوع الجوارح، ونوافيكم بالحديث عن ذلك عبر موقع سوبر بابا.
يتهاون البعض في صلاته فلا يؤديها بالصورة الصحية، فيقوم ويركع ويسجد ويقرأ وينهي صلاته، دون استشعارها أو استحضار القلب بين يدي من يقف.
بيّن الله عز وجل لنا أن فلاح المؤمن ليس متوقفًا على صلاته فحسب، وإنما المعول في ذلك هو خشوعه، حيث قال تعالى: “قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ” (المؤمنون/ 1 -2)
اقرأ أيضًا: أخطاء شائعة في الصلاة يقع فيها الكثيرون مع تصحيحها
لا شك أن العبد في طريقه إلى الله يحتاج إلى تذكرة لاسيما إن حدث له فتور في العبادة، لذا فالكلام عن الخشوع في الصلاة يعيد له إيمانه، ويحيي له قلبه.
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: “علَّق اللهُ فلاحَ المُصَلِّين بالخشوع في صلاتهم، فدلَّ على أنَّ مَن لم يَخْشَعْ فليس مِن أهل الفلَاح، ولو اعتدَّ له بها ثوابًا، لكان مِن المفلحين”.
اقرأ أيضًا: هل يجوز القصر والجمع في الصلاة أثناء السفر
بيّن الله -عز وجل- فضل الخشوع في الصلاة، وجزاء عباده الخاشعين، وكانت سنته النبي تفصيلًا لما ورد في القرآن فحث النبي صلى الله عليه وسلم على الخشوع في الصلاة ورغب فيه.
كل ما جاء في تلك الآيات والأحاديث إنما هو للحث على الخشوع، وبيان فضله، والثواب الذي أعده الله للعبد الخاشع في الدنيا والآخرة.
للكلام عن الخشوع في الصلاة، ليس هناك أجمل من أقوال الصحابة والسلف الصالح فيه، إذ حققوا الإيمان والخشية، فكان لكلامهم وقعًا عظيمًا في القلوب.
سعيد حوى | الخشوع في الصلاة هو ميزان خشوع القلب فبقدر ما تخشع في صلاتك فذلك علامة الخشوع في قلبك. |
ابن عباس رضي الله عنهما | ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساه
وقال بعضهم الصلاة من الآخرة فإذا دخلت فيها خرجت من الدنيا. |
الحسن البصري | إياك أن ينظر الله إليك وتنظر إلى غيره.. وتسأل الله الجنة وتعوذ به من النار.. وقلبك ساه لا تدري ما تقول بلسانك. |
عمر بن الخطاب رضي الله عنه | إن الرجل ليشيب عارضاه في الإسلام وما أكمل لله تعالى صلاة قيل وكيف ذلك قال لا يتم خشوعها وتواضعها وإقباله على الله عز وجل فيها. |
عبد الله بن عمر | كانوا إذا قاموا في الصلاة أقبلوا على صلاتهم، وخفضوا أبصارهم إلى موضع سجودهم، وعلموا أن الله يُقبل عليهم، فلا يلتفتون يميناً ولا شمالاً. |
ابن كثير | الخشوع في الصلاة إنما يحصل لمن فرّغ قلبه لها.. واشتغل بها عما عداها، وآثرها على غيرها، وحينئذ تكون راحة له وقرة له. |
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم | “اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ودعاء لا يسمع، ونفس لا تشبع“ |
سعد بن معاذ | إذا كنت في الصلاة لا أحدث نفسي بغير ما أنا فيه. |
ابن القيم رحمه الله | صلاةٌ بلا خشوعٍ ولا حضورٍ؛ كبَدَنٍ ميِّتٍ لا رُوحَ فيهِ، أفلا يَسْتَحْيِي العَبْدُ أنْ يُهديَ إلى مخلوقٍ مثلِه عبدًا ميِّتًا، أو جاريةً ميتة. |
ابن الرومي | ووجوه قد رملتها دماء***بأبي تلكم الوجوه الدوامي***خاشعات، كأنها باكيات***باديات الثغور، لا لابتسام |
عمر بن الخطاب | العلم بالله يوجب الخضوع والخوف، وعدم الخوف دليل على تعطيل القلب من المعرفة، والخوف ثمرة العلم، والرجاء ثمرة اليقين، ومن طمع في الجنة اجتهد في طلبها، ومن خاف من النار اجتهد في العرب منها. |
سعيد بن جبير | (الذين هم في صلاتهم خاشعون) يعني: متواضعون. لا يعرف من عن يمينه ولا من عن شماله ولا يلتفت من الخشوع لله تعالى. |
اقرأ أيضًا: حوار بين شخصين عن الصلاة وأهميتها
الخشوع علامة على صلاح القلب، وثمرة للعمل الصالح، لذا من أجل تحققها ينبغي على العبد أن يستعين بأمور أخرى عليها.
يجب على العبد أن يعرف الله بأسمائه وصفاته، فأهم سبب لعدم الخشوع في الصلاة، هو كون العبد لا يعلم من يعبد، فعندما يعلم بمعيته وقربه وسمعه وبصره يستحي العبد من الله، ويعظم في قلبه توقيره وعبادته على الوجه الذي يرضيه.
فعندما تحضر الصلاة يبادر العبد فيسبغ الوضوء ويستحضر عظمتها ويصليها حاضرة في وقتها، عليه أن يتخذ حاجزًا أو ساترًا أثناء صلاته، فإن من أسباب عدم الخشوع هو أن ينشغل القلب بمار ونحوه.
فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك: “إذا صلَّى أحدُكم إلى سُترةٍ، فليدنُ منها لا يقطعِ الشَّيطانُ عليهِ صلاتَه.”
فلا يثبت على قراءة آيات معينة في جميع الصلوات، بل يجعل لكل صلاة آيات مختلفة، فإنها تساعد على لين القلب وخشوعه أثناء الصلاة، كذلك على العبد استشعار معاني الآيات أثناء القراءة.
كما يجب العلم بأذكار الصلاة المختلفة، مثل دعاء الاستفتاح، وأذكار الركوع والسجود المختلفة، والتي تقتل العادة في الصلاة، وتؤدي إلى حضور القلب.
فإن التشهد يحتوي على معانِ عظيمة إذا تمعن فيها العبد كانت سببًا في زيادة إيمانه وخشوع صلاته.
إذ إن العبد في التشهد يلقي التحيات لله، ويسلم على رسوله، ويدعو بالجنة ويستعيذ من النار، وكل ذلك يُضفي إلى القلب اللجوء إلى الله والتوكل عليه والقرب منه.
فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فعندما يستشعر هذا القرب في سجوده يزداد خشية منه، وقربًا إليه، فيدعوه ويتضرع إليه، وينال السكينة والطمأنينة إذ إنه قريب من الملك سبحانه.
فقد يحول الذنب بين العبد وخشوعه في الصلاة، لذا عليه التوبة والمجاهدة بقيام الليل، كما أن الإكثار من النوافل تؤدي إلى محبة الله للعبد، فإذا أحبه قذف اللين والخشية في قلبه.
أكثر ما يُعين العبد على الخشوع في صلاته هو الصدق مع الله، والإخلاص في العبادة.. فإذا وجد الله في قلبك خيرًا، وفقك لكل الخير.
أحدث التعليقات