يشتهر الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- بأخلاقه السامية وكرمه اللامحدود، حيث عُرف بكثرة إنفاقه. يروى أنه باع أرضاً بمبلغ أربعين ألف درهم، وأنفقها جميعاً على قبيلته وأمهات المؤمنين وفقراء المسلمين. كما قدم خمسمائة فرس للمجاهدين، وفي يوم آخر تبرع بألف وخمسمائة راحلة. وعند اقتراب وفاته أوصى بتخصيص خمسين ألف درهم من أمواله للإنفاق في سبيل الله -تعالى-. وقد قيل فيه: “أهل المدينة جميعاً شركاء لعبد الرحمن في ماله، حيث يُقرضهم ثلثاً، ويقضي عنهم ديونهم ثلثاً آخر، ويُعطيهم الثلث المتبقي.” وخلال إحدى الأيام، تصدق بنصف ثروته، وقد ذكر الذهبي -رحمه الله- أنه أعتق في يوم واحد ثلاثين ألف عبد. كما أوصى لأهل بدر بأربعمائة دينار وألف فرس للمجاهدين، وكل هذا يعود إلى ما أنعم الله -تعالى- عليه من الثروة، إذ كان يُعدّ من أغنياء الصحابة الكرام. وعندما سمع من عائشة -رضي الله عنها- حديث النبي بأن الفقراء سيدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام، قام بإنفاق جميع ثروته في سبيل الله -تعالى-.
توجد العديد من المواقف التي تبرز كرم عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- وسخائه، نذكر منها ما يلي:
بعد هجرته إلى المدينة، كان عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- فقيراً بلا مال، فجمعه النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- مع سعد بن الربيع من الأنصار، الذي عرض عليه أن يشاركه جميع ثروته، لكنه رفض ذلك، ودعا له بالبركة في ماله. وطلب منه أن يدلّه على السوق، حيث بدأ بالتجارة وحقق أرباحاً جيدة. كما تزوج امرأة تزن نواة من الذهب، وجمع ثروة كبيرة من أعماله التجارية. وبعد وفاته، ترك ألف جمل وثلاثة آلاف شاة ومئة فرس وعشرين ناضحاً، بالإضافة إلى أموال كثيرة ورثتها زوجاته الأربع، حيث ورثت كل واحدة منهن ثلاثة وثمانين ألف درهم. وكل هذا كان بفضل دعاء النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- له.
أحدث التعليقات