تنوعت آراء الفقهاء حول حكم صلاة الجماعة للرجال، وسنستعرض هذه الآراء كما يلي:
ويجب على الرجل المكلف القادر أن يؤدي صلاة الفريضة سواء في حال حضر أو سفر. ومن الأدلة على ذلك قول الله -تعالى-: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم). حيث كان الأمر بإقامة الصلاة في جماعة حتى في حالات الخوف والحرب، فإن كانت الجماعة سنة لكان أولى الأعذار بسقوطها هو الخوف. وإن كانت فرض كفاية لأسقطها الله -سبحانه وتعالى- عن الطائفة الثانية بفعل الأولى، مما يدل على أن الجماعة فرض وواجب على الأعيان.
الأصل عدم وجوب صلاة الجماعة على النساء، لكن يستحب لهنّ أداء الجماعة وفق رأي الجمهور، سواء كانت الجماعة مع نساء أخريات أو مع الرجال، حيث تجب صلاتهن خلفهم. وقد قال الشافعية والحنابلة بسنيّة الجماعة لهن منفردات عن الرجال، سواء كان الإمام رجلاً أو امرأةً. فقد قام النبي -عليه الصلاة والسلام- بتوجيه بعض الصحابيات للأذان في بيوتهن وإمامة أهلهن. أما الحنفية فقد اعتبروا خروج النساء للجماعة مكروهاً؛ خشية وقوع الفتنة. في حين منع المالكية المرأة من صلاة الجماعة، لأن من شروط الإمام عندهم أن يكون ذكراً، وبالتالي لا تصح إمامة المرأة للرجال أو النساء، ولكن يجوز لها حضور جماعة الرجال بشرط الأمان من الفتنة.
أجمع العلماء على أن الجماعة شرط لصحة صلاة الجمعة، وقد تعددت آراءهم حول العدد اللازم لانعقاد صلاة الجمعة. فقال بعض الحنفية إن أقل عدد لعقد الجماعة هو ثلاثة من دون الإمام، لأن أقل الجمع هو ثلاثة. بينما ذهب آخرون من الحنفية، مثل أبي يوسف، إلى أن أقل العدد المطلوب هو اثنان من غير الإمام، لأن المثنى يعتبر اجتماعاً. من ناحية أخرى، رأى المالكية أن أقل عدد للجماعة هو اثنا عشر رجلاً من غير الإمام ممن تجب عليهم الجمعة، مستندين إلى الحديث الشريف: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً يوم الجمعة، فجاءت عير من الشام، فانفض الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً). كما أن صلاة الجمعة جماعةً في المسجد واجبة على كل ذكر صحيح مقيم بالغ عاقل حر غير معذور، ولا تسقط عنهم صلاة الجمعة في المسجد إلا بعذر شرعي.
اتفقت الآراء الفقهية على انعقاد الجماعة بإمام ومأموم، وذلك خارج صلاتي الجمعة والعيدين. حيث رأى الشافعية والحنفية أن أقل عدد لصحة صلاة الجماعة هو اثنان؛ إمام ومأموم، حتى وإن كان معهما طفل. في المقابل، يعتقد المالكية والحنابلة بعدم انعقاد الجماعة بوجود طفل مميز، لكن الحنابلة قالوا إن الجماعة تنعقد بالطفل المميز في صلاة النافلة.
تعددت آراء الفقهاء في القدر الذي يُدرك به فضل صلاة الجماعة، حيث ذهب الحنفية والحنابلة وبعض الشافعية والمالكية إلى أن فضيلة الجماعة تُدرَك بمجرد أن يشارك المأموم الإمام في جزء من صلاته، حتى لو في الجلسة الأخيرة قبل السلام، لأن من أدرك آخر الشيء فقد أدركه. بينما رأى بعض المالكية وبعض الشافعية أن فضيلة الجماعة لا تُدرك إلا بإدراك ركعة كاملة، لأن الصلاة تعتبر ركعة واحدة مكررة.
هناك العديد من الفضائل المرتبطة بأداء صلاة الجماعة، منها:
أحدث التعليقات