هناك العديد من القصائد الجميلة، ومن أبرزها قصيدة البوصيري التي تمدح الرسول؛ حيث تحظى هذه القصيدة بعناية خاصة من قبل القراء، نظراً لشهرة الشاعر البوصيري الذي يتميز بجمال شعره، وقدرته الفائقة على استخدام الصور البلاغية بشكل مبدع. لذا، سوف نقدم لكم عبر موقعنا تفسير قصيدة البوصيري لكي نتعمق في فهم معانيها الرائعة.
تعتبر قصيدة مدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم واحدة من أشهر قصائد الشاعر شرف الدين البوصيري، حيث ألهمت الكثير من الشعراء لكتابة قصائد مشابهة عليها. لنفهم أكثر، سنتناول القصيدة وشرح معانيها في الأقسام التالية:
يقول الشاعر البوصيري:
أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ
مزجتَ دمعاً جرى من مقلةٍ بدمِ
أمْ هبَّتِ الريحُ من تلقاءِ كاظمةٍ
وأوْمَضَ البَرْقُ في الظلْماءِ مِنْ إضَمِ
<pفي بداية القصيدة، يتحدث الشاعر مع نفسه، حيث يعبر عن حزنه الشديد عندما يستذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، مشيرا إلى كونه في مكان ما بين مكة والمدينة المنورة، مما أثر في مشاعره بشكل عميق.
ويتابع الحديث، قائلاً:
فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا
ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ
أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أنَّ الحُبَّ مُنْكتِمٌ
ما بَيْنَ مُنْسَجِم منهُ ومضطَرِمِ
يتعجب الشاعر من عيونه التي تزداد بكاءً رغم أمرها بالتوقف، كما يتعجب من قلبه لأنه يرفض الاستجابة لنداء العقل للابتعاد عن الحزن والشوق إلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام، مما يجعله يدرك في النهاية أن العاشق لا يمكنه التحكم في مشاعره.
وفي استمراره في مدح الرسول، يقول الشاعر:
لولاَ الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعاً عَلَى طَلَلٍ
ولا أرقتَ لذكرِ البانِ والعَلم
فكيفَ تُنْكِرُ حُبَّا بعدَ ما شَهِدَتْ
بهِ عليكَ عدولُ الدَّمْعِ والسَّقَم
يعكس الشاعر هنا شغفه لرسول الله عليه الصلاة والسلام، وكذلك للعلماء الذين عاشوا في جزيرة العرب، لدرجة جعلته يبكي شوقًا لهم ويعاني من الأرق نتيجة تفكيره المستمر بهم.
يتحدث الشاعر عن السبب وراء حرمانه من النوم، قائلاً:
نعمْ سرى طيفُ من أهوى فأرقني
والحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذاتِ بالأَلَمِ
يا لائِمِي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَةً
منِّي إليكَ ولو أنصفتَ لم تلُمِ
وهنا يعترف الشاعر بأنه يعاني من الأرق بسبب حبه العميق لمكة وأهلها، وتذكره للرسول عليه الصلاة والسلام.ويؤكد أنه لا يمكن لأحد أن يلومه على حبه الكبير، لأن أي إنسان يعتبر أنه يشتاق له.
يستعير الشاعر تشبيه الطفل الصغير الذي يحب أمه، قائلاً:
والنفسُ كالطفلِ إن تهملهُ شَبَّ على
حُبِّ الرَّضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِم
فلا تَرُمْ بالمعاصِي كَسْرَ شَهْوَتِها
إنَّ الطعامَ يُقَوِّي شهوة َ النهمِ
يُشعر الشاعر أنه مثل الطفل الذي لم يُفطم عن حليب أمه، ويذكّر نفسه بأنه يجب أن يتجاوز الشهوات تقربًا إلى الله عز وجل، فحب الشهوات يمكن أن يقود إلى الضياع.
تُعتبر قصيدة البوصيري في مدح الرسول واحدة من أجمل القصائد في التعبير عن حب أفضل خلق الله، كما أنها تُشكل نموذجاً للكثير من الشعراء الذين ساروا على نفس الأبحر الشعرية والإيقاعية. ومن المهم التنويه أن الشاعر شرف الدين البوصيري يُعتبر من الشعراء المصريين المتميزين.
أحدث التعليقات