حاتم الطائي يُعَدُّ من أبرز الشعراء في عصر الجاهلية، حيث اشتهر بكرمه اللافت وجمال أشعاره. استلهمت العديد من الأفلام والقصص من سيرة حاتم الطائي، الذي نشأ في بيئة تُعزز من قيم الكرم والشجاعة. لقد حظي شعره بإشادة من النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، لذا سنستعرض في هذا المقال سيرة حياة حاتم الطائي.
حاتم بن عبد الله بن سعد بن آل فاضل بن أمرؤ القيس، وكنيته أبا سفانة وأبا عدي، يُنتمي إلى قبيلة طيء. نشأ في بيئة تقدر الكرم، مما جعله واحدًا من أكرم العرب، حيث كان ينحر يوميًا عددًا من الإبل لإطعام ضيوفه.
من بين مواقفه المشهورة، كانت إحدى الحكايات تتعلق بنقاشه مع والده حين قدّم لجميع ضيوفه الإبل التي كانت لديه، مما أثار استغرابهم. كان الهدف من هذا التصرف هو إظهار كرم عائلته، علمًا بأنه ظن أن ضيوفه يختلفون عنه في الشكل واللون ويعودون من أقاليم بعيدة.
عاش حاتم وأبناء قبيلته في منطقة حائل، والتي تُعتبر الآن جزءًا من المملكة العربية السعودية. كان شعره يجسد ذات القيم التي عاش من أجلها، وأفعاله تُعبر عن كلمات شعره. ومن أشهر قصائده:
وعاذلة قامت على تلومني
كأني إذا أعطيت مالي أضيمها
أعادل أن الجود ليس بمهلكي
ولا مخلد النفس الشحيحة لومها
وتذكر أخلاق الفتى وعظامه
مغيبة في اللحد بال رميمها
ومن يبتدع ما ليس من خيم نفسه
يدعه ويغلبه على النفس خيمها
ترك حاتم الطائي مجموعة من القصائد التي نالت شهرة واسعة في عصره. وقد جُمعت أشعاره في كتابٍ يُعرف بعنوان “ديوان حاتم الطائي”، والذي يحتوي على 52 قصيدة.
ولد حاتم الطائي في جبال الطيء بحائل وتوفي عام 605 ميلادي، وعاش في فترة ما قبل الإسلام. كان أمير قبيلته، واشتهر بلقب “أكرم العرب”. ويُذكر أنه اعتنق الديانة المسيحية.
تميّز حاتم بالشجاعة في المعارك، حيث كان غالبًا ما يحقق الانتصار. كما كانت له سماته المميزة في كرم الضيافة، حيث لا يُرد سائل.
تزوج من ثلاث نساء تميزن بالذكاء والجمال، وأنجب منهن أربعة أبناء. وكانت ابنته، سفانة، قد ورثت عن والدها الكرم والسخاء، واعتادت إعطاء أموالها بالكامل للفقراء.
توفي حاتم الطائي قبل ظهور الإسلام، لكن قصصه وصلت إلى النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن طريق أبنائه الذين سَعَوْا لنقل سيرته. جاء في حديث عدي بن حاتم: “قلت لرسول الله إن أبي كان يصل الرحم، ويفعل ويفعل، فهل له في ذلك أجر؟” فقال النبي: “إن أباك طلب شيئًا فأصابه”.
عندما افتُتحت قبيلة طيء من قبل المسلمين، كانت سفانة، ابنة حاتم الطائي، من بين الأسرى. وعندما قُدِّمت كمأسورة، قالت للنبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “يا محمد، إن رأيت أن تخلى عني فلا تشمت بي أحياء العرب، فإني ابنة سيد قومي”.
فأجابها النبي: “يا فتاة، هذه صفة المؤمن حقًا. خلوا سبيلها، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق”.
وبعد وصول وفد من قومها، أرسلها النبي معهم، مميزًا إياها بنفقة وكسوة لترجع إلى أخيها عدي في بلاد الشام.
يعتبر قصر حاتم الطائي في بلدة توارن من الوجهات السياحية الشهيرة حيث يُعَدُّ مكانًا مقصودًا من قبل الزوار. يتسم القصر بأنه بُني من الطين والحجر، ويقع بالقرب من مقبرة حاتم.
أحدث التعليقات