يقول عنترة بن شداد:
ومَن ذا الذي يصفو له الزمن من الناس؟
وكم من مصيبة تعرضت لها بعد مصيبة أخرى،
فقد تخطيتها ولم يؤثر علي ضرر.
ولولا سلاحي وعزيمتي،
لما ذُكرت قبيلة عَبْس، ولا حازوا فخرًا.
لقد أنشأت لهم بيتاً رفيعاً من الرفعة،
يتحرك له الجوزاء والفَرغُ والغَفرُ.
وقد رحلت اليوم عنهم ووجهي يؤشر
إلى من له في خلقه الأمر والناهي.
سيتذكرني قومي عند قدوم الخيل،
وفي الليلة الظلماء يُفقد النور.
يعيبون لوني بالسواد جهلًا منهم،
ولولا سواد الليل، لما طلع الفجر.
وإن كان لوني أسود، فخَصائصي
بياضٌ، ومن كفي يُنزَل القطر.
محوتُ بذكري في الناس ذكر من مضى،
فلا يُقال زيد ولا عمرو.
يقول أبو العلاء المعري:
والوفاء أفضل من توافيهِ
أين الذي هو صادق ولا يُقال له،
لو كان غير ذلك في طبيعته؟
وتلك أوصاف من ليست جليلتُه،
بل هي طبيعة إنسانية يُخالفها الجميع.
ولو علمناه، لفكرنا في طلبه،
لعلنا بشفاعة العمر نصل إليه.
والزمان يفقدك حزنًا يوماً ما،
ويحتاج الصديق إظهاره كما يخفيه.
وقلما تُعطي الدنيا بلا تعب،
والدر يُعدَم فوق الماء الطافح.
ومن أطال التجني في مودته،
فالهجر لك خيرٌ من الاستمرار.
يقول ابن سناء الملك:
فقد تسلّيتُ عن فلانه.
وعشقه زال منذ زمن،
لأن عشق النساء قد زال.
فليس فيهن وفاءٌ،
ولا حفاظٌ، ولا أمانة.
من كل مهتومة الثنايا،
وكل محلوة المثانة.
مائلة السفل إلى مناياها،
لو دعمت بأُسطوانة.
تودّ يوم الوغى وتترقب،
لو طعنوها بألف زانة.
جمالها مستعار من الدهر،
وحسنها مدفون في خزائن.
وكل شيء ينسيه إلا
الملال والغدر والخيانة.
وتسلب العقل بالتجنّي،
وتدّعي أنه مجان.
يقول محمود سامي البارودي:
خيانة شمر بعد غدر ابن ملجم،
هم منجمون للشر، وصنيع ضلالة،
وكل إنسان في الدهر يُعزى لمنجم.
شقيان انغمسوا في الضلال، فأصبحوا،
لقمة لعنة من الفصيح والأعجم.
لقد تفوقا بسهميهما وتطاولا،
إلى فلكٍ عالٍ محاطٍ بالنجوم.
لعَمري لقد باءا بخزيٍ ولعنة،
ومن يحتقب خزيًا من الله يُرجم.
يقول ابن الرومي:
وتغضب من مزاح الرياح اللعّابة.
وأجرافها رهينة بكل خيانة،
وغدر فيها كل عيب لعائب.
ترانا إذا هاجت بها الريح هياجًا،
نُزلزل في حوماتها بالقوارب.
نوائل من زلزالها محوًا لخسفها،
فلا خير في أوساطها والجوانب.
زلازل موجٍ في غمارٍ زواخر،
ودرَيات خسفٍ في شطوطٍ خاربة.
ولليم اعذار بعرض متون،
وما فيه من أذية متراكبة.
ولست تره في الرياح مزلزلاً،
إلا في الشداد الغوالب.
يقول ابن جبير الشاطبي:
وشاب لي السم الزعاف بشهده.
وجربت إخوان الزمان فلم أجد،
صديقًا جميل الغيب في حال بعده.
وكم من صاحب عاشت معه وألفته،
فما دامت لي يوماً على حُسن عهده.
وأغرب من عنقاء في الدهر مغرب،
أخو ثقة يسقيك صافي ودّه.
بنفسك صادِم كل أمر تُريده،
فليس مضاء السيف إلا بحده.
وعزمك اجعل في كل مهمة،
فما نافع مكث الحسام بغمده.
وشاهدت في الأسفار كل عجيبة،
فلم أرى من نال جدًا بجدّه.
فكن ذا اقتصاد في أمورك كلها،
فأحسنُ أحوال الفتى حسن قصده.
وما يُحرم الإنسان رزقًا لعجزه،
كما لا ينال الرزق يومًا بكدّه.
حظوظُ الفتى من شقوة وسعادة،
جرى بقضاء لا سبيل لرده.
يقول الأحوص الأنصاري:
لعميا حتى استكّ منه المسامع.
وحتى أُبيد الجمع منه فأصبحوا،
كبعض الذين كانت تصيبهم القواريع.
فأضحوا بنهرَي بابل ورؤوسهم،
تخبّ بها فيما هناك الخوامع.
تقول أخت الأسود بن غفار:
وكل عيب يرى عيبًا وإن صغر.
إني أخاف عليكم مثل تلك غدًا،
وفي الأمور تدابير لمن نظرا.
شتان باغٍ علينا غير متأنٍ،
يغشى الظلمة لن تبقي ولن تذرا.
يقول حسان بن ثابت:
بنى مسكنًا بين المعين إلى عرد.
فغزة فالمروت فالخبت فالمُنى،
إلى بيت زماراء تُلد على تُلد.
فقلت ولم أملك عَمرو بن عامر،
لفرخ بني العنقاء يُقتل بالعبد.
لقد شاب رأسي أو دنا لمشيب،
وما عتقت سعد بن زَرِّ ولا هند.
يقول ابن سناء الملك:
لِي في الخيانة نسبةٌ عليا.
لم لا أخون ولم أُفِ أبدًا،
وأبي الزمان وأمي الدنيا.
يقول ابن الأبار البلنسي:
أتجهل إتلاف النفائس أم تدرين؟
تدبّ بفجع الخل بالخَلّ دائبًا،
وتسري لشت الشمل في السر والجهر.
وما أنشبَت في ضيغَم الغاب نابها،
فأفلتَها يومًا ولا ضبيّة الخدر.
فيا ليتَها والهجر مودي بوصله،
كفتنا سرور الوصل أو حزن الفراق.
ويا ليتَها كانت كأشعب في الذي،
تعلم دون الطي من صنعة النشر.
فلم يَستفد لُطف التهدي إلى الأذى،
ولم يعتمد عنف التصدّي إلى الضرر.
لقد أَثكلتني خُلّةً طعنت بها،
ولكن أقامت بعدَها لوعَة الصدر.
ذوت غصنًا ماء النعيم يميله،
بملء الحشايا والحرارة كالجمر.
أحدث التعليقات