لا تعذليه فإنّ العذل يولعه،
الحق ما قلتِ، ولكن عذْلَكِ لا يسمعه،
جاوزتِ في لومه حدّاً أضرّ به،
فحيث استطعتي، اعلم أن اللوم غير نافع له.
فاستعملي الرّفق في تأنيبه بدلاً،
من عذله، فهو مُضنى القلب مُوجع له.
كان مُضطَلِعاً بالخطب يحمله،
فقد ضيّقت بخطوب الدهر أضلعه.
يحتاج إلى ما يخفف عنه من لوعة التشتت،
فكلّ يوم يشهد روعه من النوى.
ما عاد من سفرٍ إلا وقد أزعجه،
وعزيمته مجمعة للسفر.
لعينيكِ ما يلقى الفؤاد وما لقي،
وللحب ما لم يُبْقَ مني وما بقي.
لم أكن ممن يدخل العشق قلبه،
ولكن من يبصر جفونك يعشق.
بين الرضا والسخط والقرب والنوى،
مجال لدمع المقل المتراقص.
وأحلى الهوى ما شكّ في الوصل ربه،
وفي الهجر، فهو الدهر يُرجو ويتقي.
وغضبى من الإدلال سكرى من الصبا،
شفعت إليّها من شبابي برقيق،
وأشنب معسول الثنايا واضح،
سترت فمي عنه فقبل مفرقي.
وأجياد غزلان كجيدكِ زِرْنِي،
فلم أتبين عاطلاً من مطوق.
أغرّكِ مني أن حبك قاتلي،
وأنك مهما تأمري القلب يفعل.
وما ذرفتْ عيناك إلا لتقدحي،
بسهميك في أعشار قلب مقَتّل.
وبيضة خِدر لا يُرَام خِباؤها،
استمتعت من لهوٍ بها غير معجل.
تجاوزتُ أحرَاسًا وأهوال معشر،
عليّ حراس لو يُشيرُونَ مَقتَلِي.
إذا ما الثريا في السماء تعرضت،
تعرضاثناء الوشاح المفصل.
فجئتُ وقد نضتْ لنوم ثيابها،
لدى السّتر إلا لبسة المتفضّل.
يهوكِ ما عشتُ الفؤاد فإن أموت،
يتبع صداي صداك بين الأقبُر.
إني إليكِ بما وعدتِ لناظر،
نظر الفقير إلى الغني المكثر.
تقضى الديون وليس يُنجز موعداً،
هذا الغريم لنا وليس بمعسر.
ما أنتِ والوعد الذي تعديني،
إلا كبرق سحابة لم تمطر.
قلبي نصحت له فردّ نصيحتي،
فمتى هجرتيه فمِنْهُ تَكَثَّري.
خليلَيَّ فيما عشتُما هل رأيتما،
قتيلاً بكى من حب قاتله قبلي.
أبيتُ مع الهُلكى ضيفاً لأهلها،
وأهلي قريب موسِعُونَ ذو فضل.
لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم،
ولا رضيت سواكم في الهوى بديلاً.
لكنه راغب في من يعذبه،
فليس يقبل لا لَوماً ولا عذلاً.
بنا من جوى الأحزان في الصدر لوعة،
تكاد لها نفس الشفيق تذوب.
ولكنما أبقى حشاشة مقولٍ،
على ما به عود هناك صليب.
وما عجبي موت المحبين في الهوى،
ولكن بقاء العاشقين عجيب.
لقد دبّ الهوى لكِ في فؤادي،
دبيب دم الحياة إلى العروق.
فيا ليت هذا الحب يعشق مرة،
فيعلم ما يلقى المحب من الهجر.
عيناك نازلتان القلوب فكلها،
إما جريح أو مصاب بالمقتل.
وإني لأهوى النوم في غير حينه،
لعل لقاء في المنام يكون.
ولولا الهوى ما ذل في الأرض عاشق،
ولكن عزيز العاشقين ذليل.
يا حبيبي فيك ظني ما يخيب،
لو حصل من بيننا صد وجفا،
شمس حبك في عيوني ما تغيب،
وفي حنانك يا بعد عمري وفاء،
فيك معنى الحب يا روحي يطيب،
صادق شوقك وشوقي صفا،
لو تروح بعيد من قلبي قريب،
في غرامك هام قلبي واكتفاء،
في غيابك مشتعل مثل اللهيب،
ومن عرفتك شوق قلبي ما طفاء،
صدق إني وافي يا أغلى حبيب،
صادق ما فيه مثلي بالوفاء.
أحدث التعليقات